رمضان في السجون ...صبر وأمل ومعاناة مستمرة جراء تضييقات ادارة السجون الاسرائيلية
جنين/علي سمودي- بالدعاء والامل والصبر استقبلت الاسيرات الفلسطينيات القابعات في سجون الاحتلال الاسرائيلي شهر رمضان المبارك رغم مشاعر الحزن والألم على فراق الاحبة والاهل وقرار ادارة السجون الاسرائيلية الغاء الزيارات المقررة في الشهر الفضيل, بل واقدمت تلك الادارة، كما قالت الاسيرة آية محمد عويس من مخيم جنين، على اتخاذ المزيد من الاجراءات التعسفية للتضييق على الاسيرات في شهر رمضان المبارك وبدل ان تخفف عنهن خاصة في هذه اللحظات الاصعب، بدأت بحملات دهم وتفتيش يومية وسياسة عزل ونقل الاسيرات من سجن لآخر.
رمضان يفتح الجراح
آية البالغة من العمر 19 عاما، والتي تنحدر من مخيم جنين، غادرت السجن الذي عاشت فيه رمضان ثلاث مرات متتالية، قالت لمراسلنا "ان وضع الاسيرات في شهر رمضان يزداد صعوبة لان كل اسيرة تتذكر في كل لحظة خاصة على الافطار والسحور ذويها, والمتزوجة تبكي بحسرة شوقا لاطفالها. ففي رمضان تتفتح الجراح وتكون ايام الشهر اصعب ايام، ولحظات الاعتقال حتى انها اقسى من لحظات التحقيق، فليس اصعب من فقدان الاهل والحرمان منهم، وادارة السجن تجيد انجاز هذه المهمة من خلال حرماننا خاصة في رمضان من زيارة ذوينا، وهذا له تاثير نفسي سيء جدا على الاسيرات ". وتضيف " عندما نجتمع على مائدة الافطار نشعر بمرارة السجن وقساوة القيد في غياب اهلنا، ونتذكر لحظات اللقاء والاجتماع على مائدة الافطار والمودة والتراحم ولحظات الايمان والصلاة في المسجد التي حرمنا الاحتلال منها كما اغتصب حريتنا وسنوات عمرنا".
اجراءات قاسية
آية التي قضت عامين في السجن لم تنسى صور المعاناة التي عايشتها مع ثماني اسيرات في غرفة واحدة، وتقول :" من اقسى اجراءات الادارة، حرماننا من الاجتماع مع باقي الاسيرات ومنعنا من تناول الافطار او السحور وحتى الصلاة بشكل جماعي، وقد طالبنا الادارة عدة مرات بفتح الاقسام على بعضها والسماح لنا بالاكل بشكل جماعي ولكنها رفضت بذريعة الاجراءات الامنية، وهي السلاح الذي تستخدمه الادارة لحرماننا من كافة حقوقنا ".وتضيف " كل شيء في السجن يجسد حالة المعاناة والظلم التي تفرض على كل اسيرة, فالطعام المقدم لنا سيء كما ونوعا، والمعاملة لا تخلو من الاستفزاز، والمضايقات التي لا تتوقف من خلال المداهمات والتفتيشات التي ترافقها ممارسات تستهدف اذلال الاسيرات والمس بكرامتهن خاصة من خلال اجبارنا على التفتيش العاري وسياسة العزل التي لم تتوقف في شهر رمضان، فقد داهمت الاقسام مؤخرا واقدمت على عزل عدد من الاسيرات، وهذا نغص علينا في شهر رمضان كثيرا خاصة وان الادارة لا زالت تتوعدنا بالمزيد من البطش" .
يوم في حياة اسيرة
ورغم معاناتهن، تسعى الاسيرات لاضفاء جو خاص في السجن في شهر رمضان المبارك، كما تقول آية، " فما دمنا نعيش عذاب السجن وظلم الاجراءات القهرية، فليس امامنا سوى التحدي وخلق الاجواء التي تخرجنا من ظروف القهر القاسية. فرغم سوء وجبة السحور التي تتكون من بيضة مع قليل من اللبنة او بعض الحمص مع قطعة جبنه وقليل من الخبز دون خضار او فواكه، فاننا نبدأ اليوم في رمضان بصلاة الفجر بعد السحور ثم عقد جلسة دينية ودعاء وذكر حتى موعد العدد، علما ان ادارة السجن رفضت تخفيض عدد مرات العدد التي تبلغ اربع يرافقها استفزازات واجراءات مهينة. وبعد العدد نقوم بترتيب وتنظيف القسم لامضاء الوقت حتى تبدأ فعاليات اليوم بعقد جلسات متنوعة منها مخصصة لدراسة القرآن الكريم او الحديث النبوي الشريف، و لقاءات حول الدين والصوم والاسلام، وجلسات في الوضع السياسي والاعتقالي يخللها تادية الصلاة في مواعيدها , ثم جلسات مفتوحة حول الحياة العامة والاسلام، والوقت الاكبر تمضيه الاسيرات في قراءة القران الكريم وحفظه، الى ان يحين موعد الفطور الذي يتكون من بعض الارز وصنف آخر مع قليل من اللحمة او قطعة دجاج لا تغني ولا تسمن من جوع. وبين المغرب والصلاة تعيش الاسيرات في اجواء دينية كاملة بين القرآن والدعاء والصلاة التي تختتم بصلاة التراويح حتى العدد الاخير، حيث تقطع الادارة الكهرباء او تحجب عنا التلفاز وتتحكم بالمحطات والمواعيد, وفي كثير من الاحيان نجتمع كاسرة واحدة لنتبادل الاحاديث حول الاهل والذكريات وكتابة الرسائل او قراءة رسائل الاهل والدعاء لله ان يفرج كربنا ويجمع شملنا". وتضيف آية ان الاسيرات يتمتعن، رغم كل ما يمارس بحقهن بمعنويات عالية مكنتهن من نقل اجواء الحياة في رمضان من منازلهن للسجن للتغلب على كل ظروف الحياة القاسية، ولكن ذلك كما تقول، " لا يعوضنا عن معاناتنا، واملنا الكبير في التحرر والعودة لذوينا وشعبنا".
رمضان صعب في النقب
اما في سجن النقب الصحراوي، فان معاناة المعتقلين اصبحت اكثر صعوبة بعدما اتخذت الادارة سلسلة جديدة من الاجراءات التعسفية، كما يقول الاسير المحرر عقل عمر عقل من جنين، الذي افرج عنه امس الاحد بعدما امضى عامين رهن الاعتقال الاداري. ففي سجن النقب يقبع 2200 اسيرا بينهم 500 معتقل اداري. ورغم توجههم للادارة للتخفيف من اجراءاتها وقيودها في شهر رمضان الا ان الادارة اتخذت كل السبل لكي تحرم الاسرى من اجواء شهر رمضان. وكانت اولى نتائج هذه الاجراءات اصابة المئات بالتسمم في اليوم الثاني من شهر رمضان، والسبب كما يقول عقل، سياسة الادارة الظالمة, فقد فرضت على الاسرى الحصول على وجبتي الافطار والسحور معا، ومنعت المعتقلين من تجهيز وجبة السحور في موعدها بذريعة الاجراءات الامنية. ويضيف " ذهبت جهودنا لاقناع الادارة بان هذه الخطوة غير سليمة سدى، واصرت على منع الطباخين من الخروج على مرحلتين. وفي اليوم الثاني سلمتنا وجبتي الافطار والسحور معا, وعندما تناولنا السحور وقعت الكارثة، فالوجبة كانت حمص وبسبب الوضع في النقب حيث الحر الشديد، تلفت الوجبة، ولدى تناولها اصيب المئات بالتسمم، ورفضت الادارة علاجهم، والادهى انها لا زالت تصر على ممارسة نفس السياسة التي تعرض حياتنا وصحتنا للخطر، فهي لا تابه بمعاناتنا ".
الظروف الصعبة في رمضان
ويعيش المعتقلون في السجن وسط ظروف صعبة كما يقول، " بسبب وضع الصحراء وظروفها التي تسبب الامراض والمشاكل للمعتقلين بعدما رفضت الادارة توفير ثلاجات في الاقسام على الاقل في شهر رمضان، كما لا زالت تمنع منذ شهر الفعاليات من ادخال شاحنة كانتين للمواد التموينية والغذائية الخاصة بشهر رمضان، وهي تماطل لتضييع الوقت وحرماننا من هذه المواد التي نحتاجها بشدة بذريعة وجود قوائم بالافراجات، وفي الحقيقة يمضي الوقت دون افراجات وتزداد اوضاعانا صعوبة. فالادارة تريد ان ترغمنا على شراء مستلزمات رمضان من كانتين السجن التابعه لها والتي تبيعنا المواد باسعار مضاعفة ومرهقة للمعتقلين ولا يمكن لاسرهم ان توفر النقود المطلوبة خاصة في ظل الظروف الراهنة". واضاف عقل :" تتكون وجبة السحور من قليل من الحمص وقطعة جبنة او فول دون شاي، او قهوة او أي صنف من الفواكه. اما وجبة الطعام التي لا تسد رمق أي اسير، فهي قليلة وسيئة وعبارة عن بعض الارز مع قطعة دجاج، او بعض اللحم مرة واحدة في الاسبوع مع شوربة باذنجان دون تغيير الاصناف، وكل ذلك لارغامنا على الشراء من الكانتين. والاشد مرارة ان الادارة قامت بمنع الزيارات في شهر رمضان وهذا له تاثير كبير على حياة الاسرى ".
رمضان والذكريات
ولرمضان في ذاكرة المعتقلين، يقول عقل، معاني كثيرة ترمز للمعاناة الناجمة عن فقدان الاهل وحرمانهم منهم، فيتذكر الاسرى ذويهم ويشعرون بمدى المرارة والحزن خاصة في ساعات الافطار حيث يجتمع الاسرى والحديث المستمر عن الآباء والابناء والزوجات ومشاعر الشوق ومعاني الفراق القسري المستمر، خاصة للمعتقلين الاداريين الذين تتحكم المخابرات بحياتهم المرهونة بقرار الاعتقال الاداري، علما ان ادارة السجون لم تفرج عن اسير اداري منذ رمضان، وجرى تمديد اعتقال العشرات من الاسرى المعتقلين دون تهمة او محاكمة. ويضيف :" في رمضان نشعر بالاسى ونتذكر الاحبة، فنزداد حزنا، فاشتاق لاولادي والجمعة مع اسرتي على الافطار، والصلاة في المساجد وحياة الحرية، وهذا الايام تكون الاقسى في حياة كل معتقل".
اجواء رمضانية خاصة في السجن
ورغم ما تمارسه الادارة من اجراءات، فان المعتقلين يصرون على تجاوز كل الظروف الصعبة، ونجحوا، كما قال عقل، في خلق اجواء من الحياة الرمضانية التي تزيد من اللحمة والاخوة والتلاحم وترفع معنويات الاسرى وتخفف من معاناتهم..." فهناك دعوات الافطار الجماعية التي تنظمها التنظيمات الفلسطينية والتي يقوم فيها كل تنظيم باستضافة باقي اسرى الفصائل على مائدة الافطار التي تجهز على حساب التنظيم، وهذه من افضل الصور التي تعزز حالة التلاحم وترفع معنويات الاسرى للتغلب على ظروف السجن القهر ". ويضيف " ما يخفف عن الاسرى ان الادارة سمحت لهم بالافطار بشكل جماعي في ساحات الاقسام، حيث يجتمع الاسرى معا ويتناولون الطعام ويتبادلون الاحاديث والتهاني. وما يخفف عن الاسرى ان الصلاة وخاصة التراويح تقام بشكل جماعي. ولكن ما ينغص على الاسرى ان الادارة لا زالت تفرض علينا سياسة العدد المهين والمذلة 3 مرات يوميا، اضافة لعمليات الدهم والتفتيش اليومية والتي يجري خلالها صلبنا تحت اشعة الشمي الحارقة لعدة ساعات دون ان تقدر الادارة اننا صائمون. كما اقدمت الادارة على منع الزيارات للمعتقلين بين الاقسام. ومما زاد من اجواء السخط والغضب الغاء كافة زيارات الاهل التي كانت مقررة في رمضان ومنع الاهل من ارسال الكانتين والطعام والملابس لنا ".
يوم رمضاني في السجن
هذه الاجراءات كما يقول عقل، يحاول الاسرى التغلب عليها بفرض اجواء رمضانية خاصة تبدأ بعد السحور مباشرة بالصلاة وبعد العدد الذي تجريه الادارة بعد السحور فورا بشكل متعمد لمنعنا من النوم او تلاوة القران.. " ففور انتهاء العدد يتوزع الاسرى في مجموعات لقراءة القرآن الكريم، وحتى الظهر يتوزع الاسرى على مجموعات بعضها تهتم بالدراسة او المطالعة واخرى عقد جلسات يتخللها دروس دينية وندوات ومحاضرات حول الصوم ورمضان, وكيفية الصمود والتماسك في المواقف الصعبة وتحدي السجن والسجان. وينشط رجال الدين والشيوخ والوعاظ في عقد لقاءات ارشادية دينية وتثقيفية تستمر حتى الافطار، حيث تبدا فترة الصلاة من المغرب حتى التراويح لتبدا مجموعة اخرى من النشاطات يرافقها احياء رمضان باناشيده الدينية وعقد جلسات لتذكر سيرة الرسول عليه السلام والصحابة والتاريخ الاسلامي المجيد، اضافة لتنظيم لقاءات ومسابقات ثقافية ودينية توزع خلالها الجوائز التي يقدما الاسرى للمتفوقين والفائزين". وقال عقل ان غالبية المعتقلين يحرصون في ساعات الليل على اقامة الصلاة وتلاوة القرآن الكريم وعقد جلسات الذكر حتى السحور.
تقييد حرية الاسرى
وفي اجراء تعسفي لحرمان الاسرى من الاستفادة من التلفاز، يقول عقل، " بدأت الادارة بقطع الكهرباء في وقت مبكر, ويتخلل ذلك تقييد حرية مشاهدة التلفاز. فمنذ اختطاف الجنود من قبل المقاومة في غزة وحزب الله في لبنان، وبعد الحرب الاسرائيلية على لبنان، تقوم بالتشويش علينا في متابعة التلفاز، فقد الغت غالبية المحطات الفضائية وتحاول ارغامنا على مشاهدة التلفاز الاسرائيلي لمنعنا من متابعة الاخبار. كما اقدمت على افتتاح قسم خاص للمعتقلين الاداريين وعزلتهم في اقسام خاصة بعدما سحبت العديد من الانجازات. والاشد مرارة انها واصلت عمليات الدهم والتفتيش والتنقلات والعزل بشكل مكثف في شهر رمضان. وبينما تنتشر الفئران والبق والصراصير، فانها ترفض تزويدنا بالادوية اللازمة لمكافحتها ".
صمود وايمان
وازاء تصاعد اجراءات ادارة السجون بحق كافة الاسيرات والاسرى في جميع السجون والمعتقلات، فان الاسرى يصرون على خلق اجواء خاصة في شهر رمضان تمنح ارواحهم، كما يقول، الحرية من خلال التمسك بالايمان والعقيدة الاسلامية السمحة، وتذكر بمحطات الانتصار التاريخي في شهر رمضان. وقال عقل انه " في ظل اصرار الادارة على التصعيد في رمضان، فان الاسرى قرروا الصمود والتحدي لافشال مخطط اركاعهم وحرمانهم من اجواء رمضان، ففي كل لحظة يعيش الاسير في رحاب القران واجواء الصلاة والعبادة التي تمنح المعتقل العزيمة والايمان والصمود والتحدي. ومثلما تسعى الادارة للتنغيص علينا فان الاسرى يوميا يؤكدون للادارة ان قوتهم وعزيمتهم اكبر، فالسجن يمكن ان يقيد حريتنا ويمنعنا بهجة رمضان في منازلنا وبين اهلنا وشعبنا، ولكن لم يمنعنا من جو رمضان الديني ومعانيه العظيمة، وكلما اتخذت الادارة اجراءا ظالما يزداد الاسرى اصرارا على التحدي ليكون لرمضان حتى في ظل الاسر اجواؤه الايمانية الخاصة التي تحرر الانسان من قساوة القيد وظلم السجان وتمنحه الامل بفرج الله القادم رغما عن انف السجن والسجان, فالسجن يمنعنا من الزيارات وافطار جميل مع الاهل، ولكنه لن يقيد ارواحنا ودعواتنا لله في كل صلاة ليمن علينا بالفرج والنصر على المحتل وسجونه " .
جنين/علي سمودي- بالدعاء والامل والصبر استقبلت الاسيرات الفلسطينيات القابعات في سجون الاحتلال الاسرائيلي شهر رمضان المبارك رغم مشاعر الحزن والألم على فراق الاحبة والاهل وقرار ادارة السجون الاسرائيلية الغاء الزيارات المقررة في الشهر الفضيل, بل واقدمت تلك الادارة، كما قالت الاسيرة آية محمد عويس من مخيم جنين، على اتخاذ المزيد من الاجراءات التعسفية للتضييق على الاسيرات في شهر رمضان المبارك وبدل ان تخفف عنهن خاصة في هذه اللحظات الاصعب، بدأت بحملات دهم وتفتيش يومية وسياسة عزل ونقل الاسيرات من سجن لآخر.
رمضان يفتح الجراح
آية البالغة من العمر 19 عاما، والتي تنحدر من مخيم جنين، غادرت السجن الذي عاشت فيه رمضان ثلاث مرات متتالية، قالت لمراسلنا "ان وضع الاسيرات في شهر رمضان يزداد صعوبة لان كل اسيرة تتذكر في كل لحظة خاصة على الافطار والسحور ذويها, والمتزوجة تبكي بحسرة شوقا لاطفالها. ففي رمضان تتفتح الجراح وتكون ايام الشهر اصعب ايام، ولحظات الاعتقال حتى انها اقسى من لحظات التحقيق، فليس اصعب من فقدان الاهل والحرمان منهم، وادارة السجن تجيد انجاز هذه المهمة من خلال حرماننا خاصة في رمضان من زيارة ذوينا، وهذا له تاثير نفسي سيء جدا على الاسيرات ". وتضيف " عندما نجتمع على مائدة الافطار نشعر بمرارة السجن وقساوة القيد في غياب اهلنا، ونتذكر لحظات اللقاء والاجتماع على مائدة الافطار والمودة والتراحم ولحظات الايمان والصلاة في المسجد التي حرمنا الاحتلال منها كما اغتصب حريتنا وسنوات عمرنا".
اجراءات قاسية
آية التي قضت عامين في السجن لم تنسى صور المعاناة التي عايشتها مع ثماني اسيرات في غرفة واحدة، وتقول :" من اقسى اجراءات الادارة، حرماننا من الاجتماع مع باقي الاسيرات ومنعنا من تناول الافطار او السحور وحتى الصلاة بشكل جماعي، وقد طالبنا الادارة عدة مرات بفتح الاقسام على بعضها والسماح لنا بالاكل بشكل جماعي ولكنها رفضت بذريعة الاجراءات الامنية، وهي السلاح الذي تستخدمه الادارة لحرماننا من كافة حقوقنا ".وتضيف " كل شيء في السجن يجسد حالة المعاناة والظلم التي تفرض على كل اسيرة, فالطعام المقدم لنا سيء كما ونوعا، والمعاملة لا تخلو من الاستفزاز، والمضايقات التي لا تتوقف من خلال المداهمات والتفتيشات التي ترافقها ممارسات تستهدف اذلال الاسيرات والمس بكرامتهن خاصة من خلال اجبارنا على التفتيش العاري وسياسة العزل التي لم تتوقف في شهر رمضان، فقد داهمت الاقسام مؤخرا واقدمت على عزل عدد من الاسيرات، وهذا نغص علينا في شهر رمضان كثيرا خاصة وان الادارة لا زالت تتوعدنا بالمزيد من البطش" .
يوم في حياة اسيرة
ورغم معاناتهن، تسعى الاسيرات لاضفاء جو خاص في السجن في شهر رمضان المبارك، كما تقول آية، " فما دمنا نعيش عذاب السجن وظلم الاجراءات القهرية، فليس امامنا سوى التحدي وخلق الاجواء التي تخرجنا من ظروف القهر القاسية. فرغم سوء وجبة السحور التي تتكون من بيضة مع قليل من اللبنة او بعض الحمص مع قطعة جبنه وقليل من الخبز دون خضار او فواكه، فاننا نبدأ اليوم في رمضان بصلاة الفجر بعد السحور ثم عقد جلسة دينية ودعاء وذكر حتى موعد العدد، علما ان ادارة السجن رفضت تخفيض عدد مرات العدد التي تبلغ اربع يرافقها استفزازات واجراءات مهينة. وبعد العدد نقوم بترتيب وتنظيف القسم لامضاء الوقت حتى تبدأ فعاليات اليوم بعقد جلسات متنوعة منها مخصصة لدراسة القرآن الكريم او الحديث النبوي الشريف، و لقاءات حول الدين والصوم والاسلام، وجلسات في الوضع السياسي والاعتقالي يخللها تادية الصلاة في مواعيدها , ثم جلسات مفتوحة حول الحياة العامة والاسلام، والوقت الاكبر تمضيه الاسيرات في قراءة القران الكريم وحفظه، الى ان يحين موعد الفطور الذي يتكون من بعض الارز وصنف آخر مع قليل من اللحمة او قطعة دجاج لا تغني ولا تسمن من جوع. وبين المغرب والصلاة تعيش الاسيرات في اجواء دينية كاملة بين القرآن والدعاء والصلاة التي تختتم بصلاة التراويح حتى العدد الاخير، حيث تقطع الادارة الكهرباء او تحجب عنا التلفاز وتتحكم بالمحطات والمواعيد, وفي كثير من الاحيان نجتمع كاسرة واحدة لنتبادل الاحاديث حول الاهل والذكريات وكتابة الرسائل او قراءة رسائل الاهل والدعاء لله ان يفرج كربنا ويجمع شملنا". وتضيف آية ان الاسيرات يتمتعن، رغم كل ما يمارس بحقهن بمعنويات عالية مكنتهن من نقل اجواء الحياة في رمضان من منازلهن للسجن للتغلب على كل ظروف الحياة القاسية، ولكن ذلك كما تقول، " لا يعوضنا عن معاناتنا، واملنا الكبير في التحرر والعودة لذوينا وشعبنا".
رمضان صعب في النقب
اما في سجن النقب الصحراوي، فان معاناة المعتقلين اصبحت اكثر صعوبة بعدما اتخذت الادارة سلسلة جديدة من الاجراءات التعسفية، كما يقول الاسير المحرر عقل عمر عقل من جنين، الذي افرج عنه امس الاحد بعدما امضى عامين رهن الاعتقال الاداري. ففي سجن النقب يقبع 2200 اسيرا بينهم 500 معتقل اداري. ورغم توجههم للادارة للتخفيف من اجراءاتها وقيودها في شهر رمضان الا ان الادارة اتخذت كل السبل لكي تحرم الاسرى من اجواء شهر رمضان. وكانت اولى نتائج هذه الاجراءات اصابة المئات بالتسمم في اليوم الثاني من شهر رمضان، والسبب كما يقول عقل، سياسة الادارة الظالمة, فقد فرضت على الاسرى الحصول على وجبتي الافطار والسحور معا، ومنعت المعتقلين من تجهيز وجبة السحور في موعدها بذريعة الاجراءات الامنية. ويضيف " ذهبت جهودنا لاقناع الادارة بان هذه الخطوة غير سليمة سدى، واصرت على منع الطباخين من الخروج على مرحلتين. وفي اليوم الثاني سلمتنا وجبتي الافطار والسحور معا, وعندما تناولنا السحور وقعت الكارثة، فالوجبة كانت حمص وبسبب الوضع في النقب حيث الحر الشديد، تلفت الوجبة، ولدى تناولها اصيب المئات بالتسمم، ورفضت الادارة علاجهم، والادهى انها لا زالت تصر على ممارسة نفس السياسة التي تعرض حياتنا وصحتنا للخطر، فهي لا تابه بمعاناتنا ".
الظروف الصعبة في رمضان
ويعيش المعتقلون في السجن وسط ظروف صعبة كما يقول، " بسبب وضع الصحراء وظروفها التي تسبب الامراض والمشاكل للمعتقلين بعدما رفضت الادارة توفير ثلاجات في الاقسام على الاقل في شهر رمضان، كما لا زالت تمنع منذ شهر الفعاليات من ادخال شاحنة كانتين للمواد التموينية والغذائية الخاصة بشهر رمضان، وهي تماطل لتضييع الوقت وحرماننا من هذه المواد التي نحتاجها بشدة بذريعة وجود قوائم بالافراجات، وفي الحقيقة يمضي الوقت دون افراجات وتزداد اوضاعانا صعوبة. فالادارة تريد ان ترغمنا على شراء مستلزمات رمضان من كانتين السجن التابعه لها والتي تبيعنا المواد باسعار مضاعفة ومرهقة للمعتقلين ولا يمكن لاسرهم ان توفر النقود المطلوبة خاصة في ظل الظروف الراهنة". واضاف عقل :" تتكون وجبة السحور من قليل من الحمص وقطعة جبنة او فول دون شاي، او قهوة او أي صنف من الفواكه. اما وجبة الطعام التي لا تسد رمق أي اسير، فهي قليلة وسيئة وعبارة عن بعض الارز مع قطعة دجاج، او بعض اللحم مرة واحدة في الاسبوع مع شوربة باذنجان دون تغيير الاصناف، وكل ذلك لارغامنا على الشراء من الكانتين. والاشد مرارة ان الادارة قامت بمنع الزيارات في شهر رمضان وهذا له تاثير كبير على حياة الاسرى ".
رمضان والذكريات
ولرمضان في ذاكرة المعتقلين، يقول عقل، معاني كثيرة ترمز للمعاناة الناجمة عن فقدان الاهل وحرمانهم منهم، فيتذكر الاسرى ذويهم ويشعرون بمدى المرارة والحزن خاصة في ساعات الافطار حيث يجتمع الاسرى والحديث المستمر عن الآباء والابناء والزوجات ومشاعر الشوق ومعاني الفراق القسري المستمر، خاصة للمعتقلين الاداريين الذين تتحكم المخابرات بحياتهم المرهونة بقرار الاعتقال الاداري، علما ان ادارة السجون لم تفرج عن اسير اداري منذ رمضان، وجرى تمديد اعتقال العشرات من الاسرى المعتقلين دون تهمة او محاكمة. ويضيف :" في رمضان نشعر بالاسى ونتذكر الاحبة، فنزداد حزنا، فاشتاق لاولادي والجمعة مع اسرتي على الافطار، والصلاة في المساجد وحياة الحرية، وهذا الايام تكون الاقسى في حياة كل معتقل".
اجواء رمضانية خاصة في السجن
ورغم ما تمارسه الادارة من اجراءات، فان المعتقلين يصرون على تجاوز كل الظروف الصعبة، ونجحوا، كما قال عقل، في خلق اجواء من الحياة الرمضانية التي تزيد من اللحمة والاخوة والتلاحم وترفع معنويات الاسرى وتخفف من معاناتهم..." فهناك دعوات الافطار الجماعية التي تنظمها التنظيمات الفلسطينية والتي يقوم فيها كل تنظيم باستضافة باقي اسرى الفصائل على مائدة الافطار التي تجهز على حساب التنظيم، وهذه من افضل الصور التي تعزز حالة التلاحم وترفع معنويات الاسرى للتغلب على ظروف السجن القهر ". ويضيف " ما يخفف عن الاسرى ان الادارة سمحت لهم بالافطار بشكل جماعي في ساحات الاقسام، حيث يجتمع الاسرى معا ويتناولون الطعام ويتبادلون الاحاديث والتهاني. وما يخفف عن الاسرى ان الصلاة وخاصة التراويح تقام بشكل جماعي. ولكن ما ينغص على الاسرى ان الادارة لا زالت تفرض علينا سياسة العدد المهين والمذلة 3 مرات يوميا، اضافة لعمليات الدهم والتفتيش اليومية والتي يجري خلالها صلبنا تحت اشعة الشمي الحارقة لعدة ساعات دون ان تقدر الادارة اننا صائمون. كما اقدمت الادارة على منع الزيارات للمعتقلين بين الاقسام. ومما زاد من اجواء السخط والغضب الغاء كافة زيارات الاهل التي كانت مقررة في رمضان ومنع الاهل من ارسال الكانتين والطعام والملابس لنا ".
يوم رمضاني في السجن
هذه الاجراءات كما يقول عقل، يحاول الاسرى التغلب عليها بفرض اجواء رمضانية خاصة تبدأ بعد السحور مباشرة بالصلاة وبعد العدد الذي تجريه الادارة بعد السحور فورا بشكل متعمد لمنعنا من النوم او تلاوة القران.. " ففور انتهاء العدد يتوزع الاسرى في مجموعات لقراءة القرآن الكريم، وحتى الظهر يتوزع الاسرى على مجموعات بعضها تهتم بالدراسة او المطالعة واخرى عقد جلسات يتخللها دروس دينية وندوات ومحاضرات حول الصوم ورمضان, وكيفية الصمود والتماسك في المواقف الصعبة وتحدي السجن والسجان. وينشط رجال الدين والشيوخ والوعاظ في عقد لقاءات ارشادية دينية وتثقيفية تستمر حتى الافطار، حيث تبدا فترة الصلاة من المغرب حتى التراويح لتبدا مجموعة اخرى من النشاطات يرافقها احياء رمضان باناشيده الدينية وعقد جلسات لتذكر سيرة الرسول عليه السلام والصحابة والتاريخ الاسلامي المجيد، اضافة لتنظيم لقاءات ومسابقات ثقافية ودينية توزع خلالها الجوائز التي يقدما الاسرى للمتفوقين والفائزين". وقال عقل ان غالبية المعتقلين يحرصون في ساعات الليل على اقامة الصلاة وتلاوة القرآن الكريم وعقد جلسات الذكر حتى السحور.
تقييد حرية الاسرى
وفي اجراء تعسفي لحرمان الاسرى من الاستفادة من التلفاز، يقول عقل، " بدأت الادارة بقطع الكهرباء في وقت مبكر, ويتخلل ذلك تقييد حرية مشاهدة التلفاز. فمنذ اختطاف الجنود من قبل المقاومة في غزة وحزب الله في لبنان، وبعد الحرب الاسرائيلية على لبنان، تقوم بالتشويش علينا في متابعة التلفاز، فقد الغت غالبية المحطات الفضائية وتحاول ارغامنا على مشاهدة التلفاز الاسرائيلي لمنعنا من متابعة الاخبار. كما اقدمت على افتتاح قسم خاص للمعتقلين الاداريين وعزلتهم في اقسام خاصة بعدما سحبت العديد من الانجازات. والاشد مرارة انها واصلت عمليات الدهم والتفتيش والتنقلات والعزل بشكل مكثف في شهر رمضان. وبينما تنتشر الفئران والبق والصراصير، فانها ترفض تزويدنا بالادوية اللازمة لمكافحتها ".
صمود وايمان
وازاء تصاعد اجراءات ادارة السجون بحق كافة الاسيرات والاسرى في جميع السجون والمعتقلات، فان الاسرى يصرون على خلق اجواء خاصة في شهر رمضان تمنح ارواحهم، كما يقول، الحرية من خلال التمسك بالايمان والعقيدة الاسلامية السمحة، وتذكر بمحطات الانتصار التاريخي في شهر رمضان. وقال عقل انه " في ظل اصرار الادارة على التصعيد في رمضان، فان الاسرى قرروا الصمود والتحدي لافشال مخطط اركاعهم وحرمانهم من اجواء رمضان، ففي كل لحظة يعيش الاسير في رحاب القران واجواء الصلاة والعبادة التي تمنح المعتقل العزيمة والايمان والصمود والتحدي. ومثلما تسعى الادارة للتنغيص علينا فان الاسرى يوميا يؤكدون للادارة ان قوتهم وعزيمتهم اكبر، فالسجن يمكن ان يقيد حريتنا ويمنعنا بهجة رمضان في منازلنا وبين اهلنا وشعبنا، ولكن لم يمنعنا من جو رمضان الديني ومعانيه العظيمة، وكلما اتخذت الادارة اجراءا ظالما يزداد الاسرى اصرارا على التحدي ليكون لرمضان حتى في ظل الاسر اجواؤه الايمانية الخاصة التي تحرر الانسان من قساوة القيد وظلم السجان وتمنحه الامل بفرج الله القادم رغما عن انف السجن والسجان, فالسجن يمنعنا من الزيارات وافطار جميل مع الاهل، ولكنه لن يقيد ارواحنا ودعواتنا لله في كل صلاة ليمن علينا بالفرج والنصر على المحتل وسجونه " .
