
نابلس متلألئة في إحدى لياليها التي مضت
تعاني مدينة نابلس، العاصمة الاقتصادية لفلسطين، هذه الأيام، من تفاقم حالة الركود الاقتصادي والتجاري جراء الحصار والتصعيد العسكري الإسرائيلي المتواصل على المدينة.
وتخيم حالة من الشلل التام على أجواء المدينة التي امتازت بتراثها وصناعتها ومتاجرها، والجمع بين الحاضر والقرون الماضية، وكانت المركز التجاري الأول في شمال الضفة.
وتشهد نابلس منذ 6 سنوات حركة تجارية محدودة بالمركز التجاري ومنطقة خان التجار باب الساحة وخان الوكالة والمنطقة الممتدة ما بين البوابة الشرقية للبلدة القديمة والغربية منها التي عادة ما كانت تشهد اكتظاظًا في أسواقها.
عبق التاريخ
أن البلدة القديمة في نابلس والتي كانت تتسم في الماضي بالإقبال الشديد على الحمامات التركية، الموجودة في شارع النصر، وحي الياسمينة، وغيرها...، باتت الحركة فيها الآن شبه معدومة.
ويفتقد سوق الحدادين الذي امتاز بالضجيج والحركة المكثفة وأصوات المطارق، مميزاته السابقة، الأمر الذي يعزوه أحد العاملين في الحدادة وصناعة أفران الحطب إلى "غياب الرجل الغريبة عن البلد".
ويؤكد التاجر سليم زبلح، أحد العاملين في صناعة هذا النوع من الأفران، أن انخفاض مبيعاته وصل لأكثر من 60%، مقارنة مع هذا الوقت في سنوات ماضية.
وقال عبد سعد الدين أحد أصحاب المحلات المتخصصة ببيع هذه السلعة قبل سنوات: "كنا نتلقى طلبات لشراء هذه الأفران بالجملة بهدف توزيعها بالبلدات والقرى المجاورة، لكن بهذه الأيام نشتهي طلبًا كهذا؛ بسبب تعذر نقل مثل هذه المنتجات بسهولة على الحواجز العسكرية الإسرائيلية".
وأوضح التاجر أبو الشريف منى، رئيس نقابة أصحاب المخابز في نابلس، أن محافظة نابلس تعيش ظروفًا غير طبيعية على الإطلاق؛ بسبب تدني القوة الشرائية بشكل مطرد وملموس؛ للتأثر بالحصار والبطالة والاقتحامات المتتالية.
وبيّن أن المواطن بات يفكر مطولاً قبل أن يشتري أي سلعة، وأنه إذا أراد أن يشتري غرضًا كبيرًا، فهو بحاجة إلى تكاليف نقل على العربات لاختراق العديد من الحواجز التي تحيط بنابلس؛ ولذلك فهو بالنهاية يفضل ألا يشتري هذه السلعة بمثل هذه الظروف.
ركود تام
ويؤكد تاجر آخر، أن أسواق المدينة كانت عادة ما تشهد ازدحامًا كبيرًا أيام السبت والخميس؛ بسبب قدوم مواطني القرى والبلدات والمدن الأخرى المجاورة، إضافة إلى المواطنين الفلسطينيين داخل إسرائيل الذين خصصت لهم بلدية نابلس قبل بدء التصعيد الإسرائيلي مواقف خاصة لحافلاتهم وسياراتهم، وشجعتهم على تنظيم جروبات سياحية وتجارية للمدينة.
وأشار إلى أن المقلق في هذه الأيام هو قطع التواصل بشكل تام عن المدينة ومحيطها الخارجي، مما أدى إلى تحويلها من عاصمة اقتصادية وتجارية لفلسطين إلى عنوان للفقر والبطالة.
ويرجع مواطنو نابلس هذه الحالة المتراكمة للمدينة ما تشهده منذ أشهر طويلة من عمليات عسكرية إسرائيلية متواصلة، حيث ترتسم على شوارعها وأحياء بلدتها القديمة لمسة حزن وخوف ممزوج بالحيرة والألم.
كما شهدت على مدار السنوات الماضية خسائر كبيرة، وفقدت المئات من أبنائها شهداء وجرحى، عدا عدد المعتقلين الذين هم في ازدياد متواصل.
جغرافية نابلس
تتكون نابلس من قسمين: البلدة القديمة التي تقوم في وسط المدينة والمعروفة بأزقّتها وأسواقها الضيقة، والبلدة الحديثة التي أقيمت على الأطراف وعلى سفوح جبلَيّ عيبال وجرزيم. ومدينة نابلس تُمثل مركزًا اقتصاديًّا مهمًّا، حيث اشتهرت بصناعة النسيج والجلود والكيماويات والصابون والصناعة المعدنية؛ وهي عامرة بمدارسها ومساجدها الكثيرة.
وسُمّيَت جبال نابلس بجبال النّار؛ لمَا أبداه أهالي نابلس من ضروب البطولة والبسالة دفاعًا عن الأرض والحق، منذ عشرينيات القرن الماضي؛ لمواجهة الاحتلالين البريطاني والإسرائيلي الصهيوني. وبعد احتلال عام 1967 تعرضت، مثل كلّ المدن الفلسطينية، إلى هجمة استيطانية شرسة، حيث أُقيمت العديد من المُستعمرات حولها.
نابلس في سطور
تبعد مدينة نابلس عن القدس 69 كم، وتربطها بمدنها وقراها شبكة جيدة من الطرق. ومدينة نابلس هي مركز قضاء يحمل اسمها، قضاء نابلس الذي يضم إضافة إليها 130 قرية كبيرة وصغيرة. ويحد قضاء نابلس من الشمال قضاء جنين وبيسان، ومن الجنوب أقضية القُدس ورام الله والرّملة، ومن الشرق نهر الأردن، ومن الغرب قضاء طولكرم.
تبلغ مساحة أراضي مدينة نابلس 8365 دونمًا، وهي ترتفع عن مستوى سطح البحر 5000م. أما عدد السكان فقد بلغ عام 1945 حوالي 23250 نسمة؛ وهم الآن حوالي 270 ألف نسمة.