الخائنة
ركضت مسرعة الى صورته لكي تقبلها كعادتها قبل ذهابها للنوم واخذت تردد للصورة عبارات الاعتذار والتبريرات لأنها تأخرت هذه الليلة عن موعد قبلتها المعتادة ولكنها تريد الليلة بالذات أن تقبل كل خلية في هذا الوجه الذي يسكن الصورة ألا أنها لا ترى جيداً مع أنها مازالت ترتدي نظارتها ، ملامح الصورة غير واضحة على الإطلاق ، أين الوجنتين وأين الأنف وأين العينين وأين الشفتين، أسرعت وأضاءت شمعة كمحاولة فاشلة منها لتبديد الظلمة ، ولكن عبثاً ما فعلت فالظلمة تشتد ، نظرت حولها فأحست بوحشة المكان الذي يلفه الصمت بالكامل إلا من دقات عقرب الثواني لساعة الحائط ، كان صمتاً له ضجيج يصم الآذان ، شعرت بالبرد فذهبت أشعلت نيران المدفأة ولكن البرودة تشتد برد قارس ينخر عظامها ويجمد الدماء في عروقها ويصيب أطرافها برعشة تزلزل كيانها جلست أمام المدفأة علها تنعم ببعض الدفء فتسربت لأنفها رائحة كريهة تنبعث من كل شيء حولها رغم أنها منذ فترة وجيزة نثرت الكثير من العطور ... وزينت الغرفة بالزهور... قامت لمرآة كبيرة وأخذت تنظر لما حولها من خلال المرآة كمحاولة منها لرؤية الأشياء من زاوية مختلفة هاهي الأشياء بدأت تظهر بوضوح أكثر... الظلمة الحالكة المسيطرة ما هي إلا ظلام اليأس
وما الصمت سوا صمت ضميرها الذي دفنته بعد أن خدرته بفتات الحب والرغبة
وهذا البرد القارس ما هو إلا التجمد الذي أصاب قلبها وروحها وما الرائحة النتنة التي تملأ المكان سوى رائحة الخيانة... خيانتها له... !!
نظرت لنفسها بالمرآة فرات شيئاً كأقبح ما يكون فصرخت لست أنا هذا ليس وجهي فان وجهي أبيض وبشرتي صافية وهذا الوجه اسوداً تسوده الندوبات والحروق، نطق الشبح الذي يسكن المرآة قال لها أنها الخيانة وآثاراها، فحدثت نفسها قائلة إن هذه المرآة تريد أن تذهب عقلي لا ريب إنها مرآة مراوغة كاذبة مخادعة وركضت مسرعة تغسل وجهها بالماء والصابون وعادت لمرآتها فإذا بوجهها اشد سواداً والندوب أكثر تقيحاً فصرخت لمرآتها لن تهزميني وركضت نحو حقيبة يدها وتناولت مواد التجميل وأخذت تنثر الكريم المبيض وغيره من المساحيق كمحاولة منها لتبيض بشرتها وإخفاء هذه الندوب الصديدية المتقيحة ولكن السواد كان بدل أن يخف يزداد ظهوراً وأحست بالعجز فأخذت تحدق بهذا الوجه الشيطاني الذي يسكن المرآة باحثة عن طريقة تلحق بها هذه المرآة والشبح الذي يسكنها شر هزيمة وأخذت تمعن النظر في هذا الوجه الشيطاني الذي مد لها لسانه وصرخ بها خائنة...خائنة .... والخيانة لا تغتفر ولا تمحى فهوت بكلتا يديها على الوجه الشيطاني فتناثر شظايا بكل أنحاء الغرفة وأخذت هي تضحك وتبكي وتنزف وتصرخ هزمتها هزمتها وبقيت تضحك وتبكي وتنزف حتى غابت عن الزمان والمكان