ثمرات الثقة بالنفس:
إن معرفة قدر نفسك والإيمان بها تعطيك ثمرات كثيرة تعينك على الحياة الناجحة ومنها
:
1ـ تشعرك أن حياة كل شخص متميزة عن سواها: ذات خصائص فردية فذة، وتساعدك على اكتشاف خصائصك.
2ـ تجعلك مدركًا تمامًا لإمكاناتك وقدراتك: وتبين لك نقاط الضعف والقوة فيك فتدفعك إلى الانطلاق.
3ـ تعطيك الاستعداد أن تتخذ قدوة: وأن تختار النموذج المناسب لك في الحياة وتقتفي الآثار دون تقليد أعمى، وهي الخطوة الضرورية لتحقيق النجاح والتميز في الحياة.
4ـ توضح لك هدفك: وتدفعك إلى الوصول إليه، فهي مصدر طاقتك.
5ـ تنتشلك من براثن العجز والسلبية والهزيمة النفسية: والتي هي السبب الأساسي في الهزيمة، حتى
إن التاريخ ليدلل على أن الهزيمة النفسية كانت السبب الأساسي في انهزام الجيوش العسكرية،
ولما أرسل سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه ربعي بن عامر ليفاوض قائد الفرس رستم دخل
ربعي بثيابه الرثة ورمحه وبغلته على رسم في إيوانه وبين حراسه وجنده، ودارت مفاوضات
قذفت الرعب في قلب رستم وكان بداية لهزيمة الفرس، إذ سأل رستم ربعيًا فقال له: ما الذي جاء بكم؟
فقال ربعي بكل ثقة: الله ابتعثنا لنخرج الناس من عبادة العباد إلى عبادة رب العباد، ومن
جور الأديان إلى عدل الإسلام، ومن ضيق الدنيا إلى سعة الدنيا والآخرة.
وخاف رستم وأيقن أنه لن يستطيع أن يكسب الجولة مع هذا الصنف من البشر، وصدق رسول الله
صلى الله عليه وسلم الذي يقول: ونُصرت بالرعب مسيرة شهر.
ولما بعث المقوقس عظيم مصر رسله إلى جيش عمرو بن العاص رضي الله عنه أبقاهم عمرو عنده
يومين ليطلعوا على حياة جند رباهم الإسلام وهيأهم لفتح أرض الكنانة، فلما عادوا إلى المقوقس
قالوا له: رأينا قومًا الموت أحب إليهم من الحياة، والتواضع أحب إليهم من الرفعة، ليس
لأحدهم في الدنيا رغبة ولا نهمة، وإنما جلوسهم على التراب وأكلهم على ركبهم وأميرهم كواحد
منهم، ما يُعرف رفيعهم من وضيعهم ولا السيد من العبد وإذا حضرت الصلاة لم يتخلف عنها منهم
أحد، يغسلون أطرافهم بالماء ويخشعون في صلاتهم.
فقال المقوقس: والذي يحلف به لو أن هؤلاء الرجال استقبلوا الجبال لأزالوها وما يقوى على قتال هؤلاء أحد.
البداية:
ولعلك الآن تريد أن تعرف الطريق الصحيح نحو اكتساب الثقة بالنفس، ولعل نقطة البداية الصحيحة
هي أن تبدأ بتقييم نفسك، فكيف تعرف مقدار ثقتك بنفسك؟ وهل أنت عضو في نادي الإحساس بالنقص؟
هل لديك عقدة نقص؟
قبل أن تجيب على هذا السؤال اسمع أولاً إلى عالم النفسي الشهير [[ألفرد إدلر]] وهو يعرف الإحساس بالنقص فيقول:
هو شعور يحدو بالمرء إلى الإحساس بأن الناس جميعًا أفضل منه في شيء أو آخر.
وليس المقصود بهذا هو أن يشعر المرء بالتواضع أمام الناس فهذا أمر محمود، وإنما المقصد أن
يتنامى هذا الشعور في الإنسان إلى الحد الذي يشعره بالدونية والعجز والفشل، ومثل هذا
الشعور إذا تمكن من الفرد فإنه يكون نقمة عليه، تجعله لا ينعم بسكينة النفس التي من حقه أن
ينعم بها، فهو يبذل جهدًا متواصلاً للتعويض عن نقصه سواء كان حقيقيًا أم متوهمًا.
نادي الإحساس بالنقص:
قد لا يرى أي عضو من أعضاء ذلك النادي زملاءه فيه، ومع ذلك فإن ناد واحد يجمعهم، وتحدد شروط عضويته بالصفات الآتية:
أولاً: التلهف على الحب والعطف:
[[إنه لا يحبني]] هذه قولة كثير من الزوجات اللاتي يعانين من التعاسة في حياتهن الزوجية، لقد
كانت مدللة عند أهلها، كانوا يغدقون عليها الحب والعطف، إنها طفلتهم الوحيدة، وتوقعت نفس
المعاملة من زوجها، ولكن مع مرور العام الأول من الزواج بدأت تشعر أن زوجها قلل من حبه لها،
وكانت شكواها من أنه لم يعد يحبها، مع أن زوجها شديد الحب لها، ولكن كان داخلها إحساس
بالنقص، وكانت تتساءل: هل كان والداها يغدقان عليها الحب لمجرد أنها وحيدتهما أم أنها
كشخصية لا تستحق الحب، هكذا كان تصورها عن نفسها، وكثير من أعضاء ذلك النادي لديهم
نفس الإحساس أنهم شخصيات لا تستحق الحب، فلذلك لا يشعرون بحب الآخرين لهم.
ثانيًا: الرغبة في بلوغ الكمال المثالي:
[[ليس عظيمًا بالقدر الكافي]] هكذا يقول لنفسه كلما فعل شيئًا، فلديه شعور مستمر أن أفعاله
وأعماله لم تصل للحد الذي يرضى عنه، وإذا بحثت داخل نفسه ستجد أنه يبحث عن [[الكمال الوهمي]] الذي لا يمكن أن يصل إليه البشر بعد الأنبياء عليهم الصلاة والسلام ـ ولن يستعيد هذا
الشخص ثقته بنفسه ما لم يعلم أن كل شيء نفعله لابد وأن يعتريه حتمًا بعض النقص.
ثالثًا: سرعة التسليم بالهزيمة:
[[لن أستطيع أن أكمل]] هكذا يكون رده إذا بدأ محاولة ما، وأنت متأكد أنه يستطيع، فكل
قدراته تقول هذا، ومهما شجعته فقد يتقدم قليلاً ثم تراه ضجرًا مكفهرًا يلقي ما في يده صارخًا: [لا لن أستطيع]، فما الذي يمنعه؟ إن الشعور بالنقص الذي يجعل لديه دائمًا إحساسًا بالخوف من عدم النجاح.
رابعًا: التأثر السلبي بنجاح الآخرين:
التقى أحدهم بزميلين في الدراسة بعد أعوام، واستمع منه إلى قصة نجاحه، وكيف امتلك صيدلية
وسيارة ومنزلاً في حي راق، أو أن أبناءه في المدارس الخاصة، وكان يستمع إليه ويكاد يشعر
بالدوار، وكأن غولاً يأكل قلبه، إنه بالقياس إلى صديقه لم يحقق شيئًا يذكر، نعم لديه صيدلية
وزوجة وأولاد ولكن ليست في مستوى صديقه، ويا لتلك السيارة المتهالكة التي يركبها
بالمقارنة مع سيارة صديقة، رغم أنه يعلم أن صديقة يدفع لها قسطًا شهريًا، مقداره ألف جنيه،
وانطلق يندب حظه وهو يقارن بينه وبين الناس، وذهبت ثقته بنفسه مع تيار الحسرة على قدره
بالمقارنة بأقدار الآخرين.
خامسًا: الحساسية المفرطة:
[[ماذا تقصد بهذا؟]] هكذا يقول عند كل كلمة يوجهها إليه أحد، لو غفل زميله عن توجيه التحية
إليه، أو لو دخل على اثنين يتحدثان فسكتا، وآه لو وجه أحدهم إليه نقدًا ولو بأسلوب لطيف،
تجده قد زاغت عيناه واحمر وجهه وقد يندفع في تصرف أحمق سخيف وقد يسيء الأدب مع
زملائه، إنه من أبز أعضاء نادي الشعور بالنقص لأنه كما يقول المثل:
[[يعمل من الحبة قبة]].
سادسا: افتقاد روح الفكاهة:
[[هل تسخر مني؟]] سريعًا ما يتجهم وجهه وهو يقول تلك الكلمة عندما يوجه أحد أصدقائه دعابة
تمس شخصيته، وما ذاك إلا لافتقاده روح الدعابة، ونشأ ذلك في الأصل من شعوره بالنقص.
صنف نفسك:
إن كل محاولة جادة لترقية الذات ينبغي أن تبدأ بجمع أكثر ما يمكن من المعلومات عن هذه النفس المراد ترقيتها، ويصدق ذلك أيضًا على محاولة اكتساب الثقة بالنفس كذلك، وإذا كنت أنت
لا تقبل أن تثق في شخص تريد أن تسند إليه عملاً ما لم تجمع عنه المعلومات الكافية، فكذلك الحال مع نفسك، فما لم تجمع كل ما يمكن جمعه من المعلومات عنها فكيف يتأتى لك أن تثق في هذه النفس التي تكل إليها أمر قيادتك في الحياة.
ودعني أسألك كم تعرف عن نفسك؟ ربما كثيرا
ولكن هل ترى معلوماتك عن نفسك مرتبة منسقة؟
وبمعنى آخر هل تستطيع في التو واللحظة أن تشير إلى نواحي القوة ثم نواحي الضعف في
نفسك في صورة نقاط واضحة محددة؟
ما أكثر الذين يتقبلون أنفسهم على علاتها ولا يحاولون الاطلاع على رذائل نفوسهم، كما
يحاولون الاطلاع على دخائل غيرهم، ومعرفتك بنفسك ينبغي ألا تفترق في شيء عن معرفتك
بأي أمر آخر، فهذه معرفة يجب اكتسابها كما يجب ترتيبها وتبويبها وتنسيقها، وأفضل الطرق
العملية للتعرف على نفسك أن تجيب على مجموعة من الأسئلة تستهدف استجلاء نواحي ضعفك
وقوتك، وبذلك تخرج بصورة واضحة عن نفسك، وحيث إننا بصدد الحديث عن مشكلة ضعف الثقة
بالنفس والشعور بالنقص، فدعنا نظرح عليك بعض الأسئلة التي سوف تتوصل بعد الإجابة عليها
إلى حقيقة انتمائك إلى [نادي الإحساس بالنقص] من عدمه، فإذا ما تهيأت للإجابة عليها فأحذرك
أن تخلط بين ما تجب أن يكون، وما هو كائن فعلاً، فإنك بهذا تشوه الصورة التي ترسمها
لنفسك، وأي برنامج لترقية النفس قائم على هذه الصورة الشوهاء التي تتجاوز الواقع فلا
جدوى منه، فإذا لم تكن واثقًا من توخيك الدقة والأمانة في إجاباتك فدع صديقًا مقربًا إليك يجيب على الأسئلة الموجهة إليك بالنيابة عنك، وقابل بين إجاباته المبنية على معرفته الشخصية بك
وبين ما تحسه في نفسك، كذلك لا تنظر إلى هذه الأسئلة على أنها وسيلتك لمعرفة: لماذا تخفق
أو تخطئ؟ بل على أنها سبيلك لمعرفة كيف ستنجح، لا تحزن لما يتضح لك من نقاط الضعف، ولا تمتثل لها، ولكن انظر إليها على أنها خميرة يمكن أن تتحول إلى شيء نافع مجد، ثم اتخذ هذا
الاختبار كذلك سبيلك لمعرفة أي نوعي الثقة بالنفس تكتسب: [الثقة المطلقة، أم الثقة المحددة]، كما ذكرنا في المقال السابق.
فإن كنت عاملاً في ميدان يتطلب النشاط العملي والشخصية المؤثرة كأن تكون داعية أو رجل
أعمال أو مشتغلاً بالبيع أو ممارسًا لعمل يتطلب الاحتكاك بالناس فالأوفق لك أن تكتسب النوع
الأول [الثقة المطلقة]، وأما إن كنت عاملاً في ميدان من ميادين البحث أو الدراسة أو غيرها مما
يتطلب مجهودًا ذهنيًا فخير لك أن تكتسب النوع الثاني [الثقة المحددة].
إن معرفة قدر نفسك والإيمان بها تعطيك ثمرات كثيرة تعينك على الحياة الناجحة ومنها
:
1ـ تشعرك أن حياة كل شخص متميزة عن سواها: ذات خصائص فردية فذة، وتساعدك على اكتشاف خصائصك.
2ـ تجعلك مدركًا تمامًا لإمكاناتك وقدراتك: وتبين لك نقاط الضعف والقوة فيك فتدفعك إلى الانطلاق.
3ـ تعطيك الاستعداد أن تتخذ قدوة: وأن تختار النموذج المناسب لك في الحياة وتقتفي الآثار دون تقليد أعمى، وهي الخطوة الضرورية لتحقيق النجاح والتميز في الحياة.
4ـ توضح لك هدفك: وتدفعك إلى الوصول إليه، فهي مصدر طاقتك.
5ـ تنتشلك من براثن العجز والسلبية والهزيمة النفسية: والتي هي السبب الأساسي في الهزيمة، حتى
إن التاريخ ليدلل على أن الهزيمة النفسية كانت السبب الأساسي في انهزام الجيوش العسكرية،
ولما أرسل سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه ربعي بن عامر ليفاوض قائد الفرس رستم دخل
ربعي بثيابه الرثة ورمحه وبغلته على رسم في إيوانه وبين حراسه وجنده، ودارت مفاوضات
قذفت الرعب في قلب رستم وكان بداية لهزيمة الفرس، إذ سأل رستم ربعيًا فقال له: ما الذي جاء بكم؟
فقال ربعي بكل ثقة: الله ابتعثنا لنخرج الناس من عبادة العباد إلى عبادة رب العباد، ومن
جور الأديان إلى عدل الإسلام، ومن ضيق الدنيا إلى سعة الدنيا والآخرة.
وخاف رستم وأيقن أنه لن يستطيع أن يكسب الجولة مع هذا الصنف من البشر، وصدق رسول الله
صلى الله عليه وسلم الذي يقول: ونُصرت بالرعب مسيرة شهر.
ولما بعث المقوقس عظيم مصر رسله إلى جيش عمرو بن العاص رضي الله عنه أبقاهم عمرو عنده
يومين ليطلعوا على حياة جند رباهم الإسلام وهيأهم لفتح أرض الكنانة، فلما عادوا إلى المقوقس
قالوا له: رأينا قومًا الموت أحب إليهم من الحياة، والتواضع أحب إليهم من الرفعة، ليس
لأحدهم في الدنيا رغبة ولا نهمة، وإنما جلوسهم على التراب وأكلهم على ركبهم وأميرهم كواحد
منهم، ما يُعرف رفيعهم من وضيعهم ولا السيد من العبد وإذا حضرت الصلاة لم يتخلف عنها منهم
أحد، يغسلون أطرافهم بالماء ويخشعون في صلاتهم.
فقال المقوقس: والذي يحلف به لو أن هؤلاء الرجال استقبلوا الجبال لأزالوها وما يقوى على قتال هؤلاء أحد.
البداية:
ولعلك الآن تريد أن تعرف الطريق الصحيح نحو اكتساب الثقة بالنفس، ولعل نقطة البداية الصحيحة
هي أن تبدأ بتقييم نفسك، فكيف تعرف مقدار ثقتك بنفسك؟ وهل أنت عضو في نادي الإحساس بالنقص؟
هل لديك عقدة نقص؟
قبل أن تجيب على هذا السؤال اسمع أولاً إلى عالم النفسي الشهير [[ألفرد إدلر]] وهو يعرف الإحساس بالنقص فيقول:
هو شعور يحدو بالمرء إلى الإحساس بأن الناس جميعًا أفضل منه في شيء أو آخر.
وليس المقصود بهذا هو أن يشعر المرء بالتواضع أمام الناس فهذا أمر محمود، وإنما المقصد أن
يتنامى هذا الشعور في الإنسان إلى الحد الذي يشعره بالدونية والعجز والفشل، ومثل هذا
الشعور إذا تمكن من الفرد فإنه يكون نقمة عليه، تجعله لا ينعم بسكينة النفس التي من حقه أن
ينعم بها، فهو يبذل جهدًا متواصلاً للتعويض عن نقصه سواء كان حقيقيًا أم متوهمًا.
نادي الإحساس بالنقص:
قد لا يرى أي عضو من أعضاء ذلك النادي زملاءه فيه، ومع ذلك فإن ناد واحد يجمعهم، وتحدد شروط عضويته بالصفات الآتية:
أولاً: التلهف على الحب والعطف:
[[إنه لا يحبني]] هذه قولة كثير من الزوجات اللاتي يعانين من التعاسة في حياتهن الزوجية، لقد
كانت مدللة عند أهلها، كانوا يغدقون عليها الحب والعطف، إنها طفلتهم الوحيدة، وتوقعت نفس
المعاملة من زوجها، ولكن مع مرور العام الأول من الزواج بدأت تشعر أن زوجها قلل من حبه لها،
وكانت شكواها من أنه لم يعد يحبها، مع أن زوجها شديد الحب لها، ولكن كان داخلها إحساس
بالنقص، وكانت تتساءل: هل كان والداها يغدقان عليها الحب لمجرد أنها وحيدتهما أم أنها
كشخصية لا تستحق الحب، هكذا كان تصورها عن نفسها، وكثير من أعضاء ذلك النادي لديهم
نفس الإحساس أنهم شخصيات لا تستحق الحب، فلذلك لا يشعرون بحب الآخرين لهم.
ثانيًا: الرغبة في بلوغ الكمال المثالي:
[[ليس عظيمًا بالقدر الكافي]] هكذا يقول لنفسه كلما فعل شيئًا، فلديه شعور مستمر أن أفعاله
وأعماله لم تصل للحد الذي يرضى عنه، وإذا بحثت داخل نفسه ستجد أنه يبحث عن [[الكمال الوهمي]] الذي لا يمكن أن يصل إليه البشر بعد الأنبياء عليهم الصلاة والسلام ـ ولن يستعيد هذا
الشخص ثقته بنفسه ما لم يعلم أن كل شيء نفعله لابد وأن يعتريه حتمًا بعض النقص.
ثالثًا: سرعة التسليم بالهزيمة:
[[لن أستطيع أن أكمل]] هكذا يكون رده إذا بدأ محاولة ما، وأنت متأكد أنه يستطيع، فكل
قدراته تقول هذا، ومهما شجعته فقد يتقدم قليلاً ثم تراه ضجرًا مكفهرًا يلقي ما في يده صارخًا: [لا لن أستطيع]، فما الذي يمنعه؟ إن الشعور بالنقص الذي يجعل لديه دائمًا إحساسًا بالخوف من عدم النجاح.
رابعًا: التأثر السلبي بنجاح الآخرين:
التقى أحدهم بزميلين في الدراسة بعد أعوام، واستمع منه إلى قصة نجاحه، وكيف امتلك صيدلية
وسيارة ومنزلاً في حي راق، أو أن أبناءه في المدارس الخاصة، وكان يستمع إليه ويكاد يشعر
بالدوار، وكأن غولاً يأكل قلبه، إنه بالقياس إلى صديقه لم يحقق شيئًا يذكر، نعم لديه صيدلية
وزوجة وأولاد ولكن ليست في مستوى صديقه، ويا لتلك السيارة المتهالكة التي يركبها
بالمقارنة مع سيارة صديقة، رغم أنه يعلم أن صديقة يدفع لها قسطًا شهريًا، مقداره ألف جنيه،
وانطلق يندب حظه وهو يقارن بينه وبين الناس، وذهبت ثقته بنفسه مع تيار الحسرة على قدره
بالمقارنة بأقدار الآخرين.
خامسًا: الحساسية المفرطة:
[[ماذا تقصد بهذا؟]] هكذا يقول عند كل كلمة يوجهها إليه أحد، لو غفل زميله عن توجيه التحية
إليه، أو لو دخل على اثنين يتحدثان فسكتا، وآه لو وجه أحدهم إليه نقدًا ولو بأسلوب لطيف،
تجده قد زاغت عيناه واحمر وجهه وقد يندفع في تصرف أحمق سخيف وقد يسيء الأدب مع
زملائه، إنه من أبز أعضاء نادي الشعور بالنقص لأنه كما يقول المثل:
[[يعمل من الحبة قبة]].
سادسا: افتقاد روح الفكاهة:
[[هل تسخر مني؟]] سريعًا ما يتجهم وجهه وهو يقول تلك الكلمة عندما يوجه أحد أصدقائه دعابة
تمس شخصيته، وما ذاك إلا لافتقاده روح الدعابة، ونشأ ذلك في الأصل من شعوره بالنقص.
صنف نفسك:
إن كل محاولة جادة لترقية الذات ينبغي أن تبدأ بجمع أكثر ما يمكن من المعلومات عن هذه النفس المراد ترقيتها، ويصدق ذلك أيضًا على محاولة اكتساب الثقة بالنفس كذلك، وإذا كنت أنت
لا تقبل أن تثق في شخص تريد أن تسند إليه عملاً ما لم تجمع عنه المعلومات الكافية، فكذلك الحال مع نفسك، فما لم تجمع كل ما يمكن جمعه من المعلومات عنها فكيف يتأتى لك أن تثق في هذه النفس التي تكل إليها أمر قيادتك في الحياة.
ودعني أسألك كم تعرف عن نفسك؟ ربما كثيرا
ولكن هل ترى معلوماتك عن نفسك مرتبة منسقة؟
وبمعنى آخر هل تستطيع في التو واللحظة أن تشير إلى نواحي القوة ثم نواحي الضعف في
نفسك في صورة نقاط واضحة محددة؟
ما أكثر الذين يتقبلون أنفسهم على علاتها ولا يحاولون الاطلاع على رذائل نفوسهم، كما
يحاولون الاطلاع على دخائل غيرهم، ومعرفتك بنفسك ينبغي ألا تفترق في شيء عن معرفتك
بأي أمر آخر، فهذه معرفة يجب اكتسابها كما يجب ترتيبها وتبويبها وتنسيقها، وأفضل الطرق
العملية للتعرف على نفسك أن تجيب على مجموعة من الأسئلة تستهدف استجلاء نواحي ضعفك
وقوتك، وبذلك تخرج بصورة واضحة عن نفسك، وحيث إننا بصدد الحديث عن مشكلة ضعف الثقة
بالنفس والشعور بالنقص، فدعنا نظرح عليك بعض الأسئلة التي سوف تتوصل بعد الإجابة عليها
إلى حقيقة انتمائك إلى [نادي الإحساس بالنقص] من عدمه، فإذا ما تهيأت للإجابة عليها فأحذرك
أن تخلط بين ما تجب أن يكون، وما هو كائن فعلاً، فإنك بهذا تشوه الصورة التي ترسمها
لنفسك، وأي برنامج لترقية النفس قائم على هذه الصورة الشوهاء التي تتجاوز الواقع فلا
جدوى منه، فإذا لم تكن واثقًا من توخيك الدقة والأمانة في إجاباتك فدع صديقًا مقربًا إليك يجيب على الأسئلة الموجهة إليك بالنيابة عنك، وقابل بين إجاباته المبنية على معرفته الشخصية بك
وبين ما تحسه في نفسك، كذلك لا تنظر إلى هذه الأسئلة على أنها وسيلتك لمعرفة: لماذا تخفق
أو تخطئ؟ بل على أنها سبيلك لمعرفة كيف ستنجح، لا تحزن لما يتضح لك من نقاط الضعف، ولا تمتثل لها، ولكن انظر إليها على أنها خميرة يمكن أن تتحول إلى شيء نافع مجد، ثم اتخذ هذا
الاختبار كذلك سبيلك لمعرفة أي نوعي الثقة بالنفس تكتسب: [الثقة المطلقة، أم الثقة المحددة]، كما ذكرنا في المقال السابق.
فإن كنت عاملاً في ميدان يتطلب النشاط العملي والشخصية المؤثرة كأن تكون داعية أو رجل
أعمال أو مشتغلاً بالبيع أو ممارسًا لعمل يتطلب الاحتكاك بالناس فالأوفق لك أن تكتسب النوع
الأول [الثقة المطلقة]، وأما إن كنت عاملاً في ميدان من ميادين البحث أو الدراسة أو غيرها مما
يتطلب مجهودًا ذهنيًا فخير لك أن تكتسب النوع الثاني [الثقة المحددة].