الحاج أمين الحسيني
هو محمد أمين الحسيني ووالده هو الشيخ طاهر
الحسيني الذي عمل مفتياً للقدس وأصل عائلة
الحسيني تعود منذ القدم إلى السيد بدر الدين
الحسيني الحجازي الذي استوطن هو وأسرته
أرض فلسطين كما نزل بعض أفراد هذه الأسرة
في غزة واللد.
ولد رحمه الله في القدس سنة 1897م حيث
حفظ القرآن منذ نعومة أظفاره كما درس الابتدائية
والثانوية ثم التحق بأزهر القاهرة ليحصل على
علوم العربية والشرعية.
لم تدم سنوات تعليمة في مصر سوى سنتين
اثنتين بسبب اندلاع الحرب العالمية الكبرى
ولكنه في هذه الفترة حرص على التتلمذ على
يد الشيخ محمد رشيد رضا والشيخ جمال الدين
الأفغاني والشيخ محمد عبده والذي تأثر بهم
إلى حد كبير وكان لهم طابعاً مميزاً في اتجاهاته
الفكرية والسياسية فيما بعد.
ترك الشاب محمد أمين الحسيني موطنه قاصداً
عاصمة الخلافة إلى الأستانه حيث تعلم فنون
الحرب والعسكرية ليكون بعد ذلك برتبه ضابط
احتياط ثم ألتحق بإحدى فرق الجيش العثماني
في منطقة أزمير وفي منطقة البحر الأسود.
اكتسب محمد أمين الحسيني لقب الحاج من كونه
حج ماشياً مع والده طاهر-رحمه الله- وهو شاب
لم يتجاوز السادسة عشر من عمره .
كان الحاج أمين الحسيني مفردة مميزة ونسيج
وحدة حيث توفرت فيه عدة خصال فقد كان إسلامي
الفكر موسوعي الثقافة عسكري الخبرة حسيني
العائلة إلى جانب معرفته باللغة التركية والفرنسية.
قدر لهذا الفتي أن يعيش اغتصاب أرض فلسطين
على يد العدو التاريخي ـ بريطانيا ـ أم الاستعمار
إلى جانب اليهود أذناب الاستعمار.
لذلك فقد كان متحمساً منذ بداية حياته أنه يتنفس
عن مشاعر التمرد في نفسه ومما أثر عنه أن
اليهود بنوا مستعمرة لهم في جوار أحد بيوت
الأسرة بالغرب من القسطل وعلى أملاك المسلمين
فغرسوا فيها الأشجار فاتفق مع أترابه اقتلاع
أشجار تلك المستعمرة الملعونة وبالذات تلك الأشجار
التذكارية وفي مقدمتها شجرة سرو غرسها المجرم
تيودور هرتزل زعيم الصهيونية الأكبر وعقلها المدبر
وبالفعل كان له ولهم ما أردوا فجن جنون اليهود الغاصبين
حين رءوا أن الأشجار أصبحت تداس بالأقدام وأثراً بعد عين.
كبر الحاج أمين الحسيني وكبر معه الهم والألم
الفلسطيني حيث صدر وعد بلفور المشئوم سنة 1917م
والذي نشأ بموجبه وطن قومي يهودي في فلسطين
مما اضطر الحاج أمين أن يتصدر الحركة الوطنية
الفلسطينية في مواجهة هذا الظلم والعدوان في الرابع
من نيسان سنة 1920م قامت اطرابات عنيفة في
القدس وسائر المدن الفلسطينية سقط من جرائها العديد
من الشهداء برصاص الإنجليز واليهود، فما كان من
بريطانيا إلا أن أتهمت الحاج أمين الحسيني بالتسبب
في تلك المواجهات وحملته المسئولية المباشرة فألقت
القبض عليه لكن الشباب الفلسطيني استطاعوا
تخليصه من أيديهم، فحكمت عليه دوله الكفر
بالسجن عشر سنوات مع الأشغال الشاقة إلا أنه
أستطاع الهرب إلى سوريا عبر الأردن، وعندما
انتهى الحكم العسكري البريطاني وحلت مكانه الإدار
ة المدنية ألغي الحكم الصادر عليه فعاد إلى القدس
حيث توفي أخوه كامل سنه 1921م فانتهي إليه منصب
الإفتاء حيث عمل على إعادة النشاط والعافية إلى
المحاكم الشرعية ودوائر الأوقاف وعمل على تقوية
المدارس الإسلامية.
كان رحمه الله وراء تأسيس المجلس
الإسلامي الأعلى عام 1922م والذي تولي
رئاسته وإلى جانبه عبد الله الدجاني من يافا
وعبد الله صلاح من نابلس ومحمد توفيق مراد
من حيفا وسعيد الشوا من غزة.
استطاع الحاج أمين من خلال هذا المجلس
أن يواصل نفوذه السياسي وأن يواصل أفكاره
الدينية لإحياء روح الجهاد والمقاومة واستنهاض
الهمم لإنقاذ فلسطين من الخطر البريطاني والصهيوني.
بعد ذلك الإنجاز المتمثل بالمجلس الإسلامي
الأعلى أسس ( دار الأيتام الصناعية في القدس )
حيث أنهكت الحرب العالمية الأولى أهل فلسطين
فكثر الأيتام فيها كما عمل رحمه الله على إعادة
أعمار وترميم المسجد الأقصى المبارك.
كما أنشأ الكلية الإسلامية بجوار الحرم لتواكب
التعليم العصر، وفي موازاة كل ذلك كان الحاج
أمين يرسل البعثات العلمية إلى الأزهر لرفع
مستوى الموظفين العلمي والثقافي والديني لينولوا
المناصب الشرعية في فلسطين.
لقد كان أمين الحسيني شعلة في العمل الوطني
والجهادي حيث جعل القضية الفلسطينية على
سطح الأحداث ووجهها ونقلها من المحلية إلى
العالمية فبعث بوفد إسلامي فلسطيني إلى الهند
وذهب بنفسة إلى سوريا ودول الخليج فهيج المشاعر
والعواطف باتجاه نصرة فلسطين وأهلها من اليهود والإنجليز.
في العام 1929م أراد اليهود ان يفرضوا
وجودهم على حائط البراق لكن الحرس من الشباب
المسلم الذي كون مجموعاته الحاج أمين الحسيني
أستطاع ان يكشف مخطط اليهود فتجمع المسلمون
في باحة الأقصى المبارك وخرجوا في مسيرة ضخمة
ترتب عليها مواجهات دموية واشتباكات عنيفة بين
أهل فلسطين من جهة واليهود والإنجليز من جهة ثانية.
وفي محاولة من السيد أمين الحسيني لإخراج
القضية الفلسطينية من نطاقها المحلي الضيق
إلى نطاقها العربي والإسلامي الأرحب.
دعا إلى عقد مؤتمر إسلامي كبير داخل أروقة
المسجد الأقصى المبارك وذلك ليوصل رسالة إلى
الإنجليز واليهود بأن أهل فلسطين ليسوا وحدهم بل
وراءهم العالمين العربي والإسلامي.
وفي عام 1934 أصدر الحاج أمين فتواه من
خلال مؤتمر عقد لعلماء فلسطين حضره أربعمائة
من العلماء هذه الفتوى كان فحواها حرمة بيع
الأرض وتحريم السمسرة أو تسهيل انتقالها إلى
أيدي اليهود.
وفي العام 1936م انتخب رئيساً للجنة العربية
العليا التي تمخضت عن ذلك الإضراب المعروف وقتها،
وهذه اللجنة أعلنت استمرار الإضراب العام إلى أن
تبدل الحكومة سياستها وتمنع الهجرة اليهودية ونقل
الأراضي العربية إلى اليهود وتقوم بإنشاء حكومة وطنية.
وفي عام 1937م حاولت بريطانيا ألقاء القبض على
الحاج أمين الحسيني ولكنها فشلت وأستطاع الهرب
إلى يافا ومنها إلى لبنان حيث كان يتابع أخبار الثوار
ومن ثم يزودها بالسلاح والمال.
وفي عام 1939م أضطر أن يغادر لبنان إلى
العراق وذلك حتى لا تقع ضحية التعاون الأمني
بين بريطانيا وفرنسا ومن العراق إلى إيران حيث
وقعت كلتا البلدين في قبضة بريطانيا ثم أستقر به
الترحال في برلين سنة 1941م وهناك بدأ الاتصال
السري بالأعيان والذين أبدوا استعدادهم لدعم الشعب
الفلسطيني ضد العدو المشترك بريطانيا.
طارد اليهود المفتي وهو في بلاد الغربة حيث
ألصقوا به تهمة تحريض الإنسان على إبادة اليهود
كما حرض اليهود اليوغسلاف على إلحاق تهمة
تكوين خلايا مسلحة من مسلمي البوسنة ضد عصابات
الصرب.
وبعد انهيار الألمان غادرة سماحته إلى سويسره
والتي ألجأته إلى المنطقة الفرنسية في ألمانيا
فقامت فرنسا باعتقاله لمدة سنة إلى أن تسلل
وهبط مصر متخفياً سنه 1946م واستطاع هناك
أن يرأس الهيئة العربية العليا ثم فكر بعد ذلك أن
يعود إلى فلسطين لكن العراقيل والمعوقات وضعت
أمامه بمشاركة وتواطؤ من الحكومة المصرية آن
ذاك إرضاء لبريطانيا لكن المفتي صمم أخيراً على
العودة إلى فلسطين وفعلاً وصل إلى غزة سنة 1948م
حيث أنعقد المجلس الوطني الفلسطيني وتشكلت
( حكومة عموم فلسطين).
إلا أن المؤامرة والخيانة كانت أكبر من الرجل
وطاقته فحمل حملاً ومكراً على مغادرة وطنه
الأم إلى القاهرة بطلب من الحكومة المصرية
فجمدت كل نشاطات حكومة عموم فلسطين ومنع
انعقادها وحرم أعضاؤها من زيارة مخيمات اللاجئين.
في عام 1951م ترأس مؤتمر العالم الإسلامي في
كراتشى كما شارك المفتي عام 1955م في مؤتمر
باندونخ على رأس وفد فلسطيني حيث حمل المؤتمر
الآسيوي والأفريقي على بحث القضية الفلسطينية
واتخاذ القرارات بصددها.
وفي عام 1959م انتقل سماحته إلى بيروت
حيث أستأنف نشاطه في سبيل فلسطين وأوفد عدة
وفود فلسطينية إلى الأمم المتحدة وإلى باقي
الأقطار لشرح القضية.
بعد سنتين أصدرت الهيئة العربية العليا
في بيروت مجلة دورية سياسية تعني بالشأن
الفلسطيني ومعالجة الجوانب الفلسطينية
الاقتصادية منها والاجتماعية والسياسية و
العسكرية.
وكان لهذا النشر الصدى الكبير والأثر البارز
في قض مضاجع اليهود واستيائهم فقاموا
بالتشويش عليها وتشويه صورتها وإلصاق
التهم إليها.
وفي العام 1962م رأس سماحة المفتي المؤتمر
الإسلامي في بغداد ثم أشترك في مؤتمر الرابطة
الإسلامية المنعقد في مكة المكرمة في موسم الحج.
استمر المفتي في نشاطة وتنقلاته حتى مستهل 1967م
وفي هذا العام زار فلسطين واستقبل بالحفاوة البالغة
وأدى الصلاة في المسجد الأقصى المبارك وكانت
هذه الصلاة هي آخر عهده بالصلاة في مسرى
رسول الله صلى الله عليه وسلم فكانت ليلة الوداع
ليغادر بعد ذلك قطعة من كيانه إلى عمان حيث
رأس الدورة الطارئه لمؤتمر العالم الإسلامي بسبب
النكبة المؤلمة التي حلت في فلسطين وهي ضياع
البقية الباقية منها وسقوط القدس في القبضة
الصهيونية المجرمة.
وأخيراً وبعد أكثر من سبعين عاماً من
الثبات والجهاد والصبر والعمل الدءوب
توفي الحاج السيد أمين الحسيني رحمه الله
في بيروت يوم الخميس 4 تموز عام 1974م
ودفن في مقبرة الشهداء بالحرج فرحمه الله رحمة واسعة.
المراجع:-
1. الموسوعة الفلسطينية المجلد الرابع ص 139.
2. الحاج أمين الحسيني رائد جهاد وبطل قضية/ حسني أدهم جراد.
3. فلسطين عبر ستين عاماً/ أميل الغوري ص 58.
4. من أعلام الفكر والأدب في فلسطين/ يعقوب العودات ص 109.
5. ألف يوم مع الحاج أمين الحسيني/ زهير المارديني.
تحيتـــ،ـــــي
هو محمد أمين الحسيني ووالده هو الشيخ طاهر
الحسيني الذي عمل مفتياً للقدس وأصل عائلة
الحسيني تعود منذ القدم إلى السيد بدر الدين
الحسيني الحجازي الذي استوطن هو وأسرته
أرض فلسطين كما نزل بعض أفراد هذه الأسرة
في غزة واللد.
ولد رحمه الله في القدس سنة 1897م حيث
حفظ القرآن منذ نعومة أظفاره كما درس الابتدائية
والثانوية ثم التحق بأزهر القاهرة ليحصل على
علوم العربية والشرعية.
لم تدم سنوات تعليمة في مصر سوى سنتين
اثنتين بسبب اندلاع الحرب العالمية الكبرى
ولكنه في هذه الفترة حرص على التتلمذ على
يد الشيخ محمد رشيد رضا والشيخ جمال الدين
الأفغاني والشيخ محمد عبده والذي تأثر بهم
إلى حد كبير وكان لهم طابعاً مميزاً في اتجاهاته
الفكرية والسياسية فيما بعد.
ترك الشاب محمد أمين الحسيني موطنه قاصداً
عاصمة الخلافة إلى الأستانه حيث تعلم فنون
الحرب والعسكرية ليكون بعد ذلك برتبه ضابط
احتياط ثم ألتحق بإحدى فرق الجيش العثماني
في منطقة أزمير وفي منطقة البحر الأسود.
اكتسب محمد أمين الحسيني لقب الحاج من كونه
حج ماشياً مع والده طاهر-رحمه الله- وهو شاب
لم يتجاوز السادسة عشر من عمره .
كان الحاج أمين الحسيني مفردة مميزة ونسيج
وحدة حيث توفرت فيه عدة خصال فقد كان إسلامي
الفكر موسوعي الثقافة عسكري الخبرة حسيني
العائلة إلى جانب معرفته باللغة التركية والفرنسية.
قدر لهذا الفتي أن يعيش اغتصاب أرض فلسطين
على يد العدو التاريخي ـ بريطانيا ـ أم الاستعمار
إلى جانب اليهود أذناب الاستعمار.
لذلك فقد كان متحمساً منذ بداية حياته أنه يتنفس
عن مشاعر التمرد في نفسه ومما أثر عنه أن
اليهود بنوا مستعمرة لهم في جوار أحد بيوت
الأسرة بالغرب من القسطل وعلى أملاك المسلمين
فغرسوا فيها الأشجار فاتفق مع أترابه اقتلاع
أشجار تلك المستعمرة الملعونة وبالذات تلك الأشجار
التذكارية وفي مقدمتها شجرة سرو غرسها المجرم
تيودور هرتزل زعيم الصهيونية الأكبر وعقلها المدبر
وبالفعل كان له ولهم ما أردوا فجن جنون اليهود الغاصبين
حين رءوا أن الأشجار أصبحت تداس بالأقدام وأثراً بعد عين.
كبر الحاج أمين الحسيني وكبر معه الهم والألم
الفلسطيني حيث صدر وعد بلفور المشئوم سنة 1917م
والذي نشأ بموجبه وطن قومي يهودي في فلسطين
مما اضطر الحاج أمين أن يتصدر الحركة الوطنية
الفلسطينية في مواجهة هذا الظلم والعدوان في الرابع
من نيسان سنة 1920م قامت اطرابات عنيفة في
القدس وسائر المدن الفلسطينية سقط من جرائها العديد
من الشهداء برصاص الإنجليز واليهود، فما كان من
بريطانيا إلا أن أتهمت الحاج أمين الحسيني بالتسبب
في تلك المواجهات وحملته المسئولية المباشرة فألقت
القبض عليه لكن الشباب الفلسطيني استطاعوا
تخليصه من أيديهم، فحكمت عليه دوله الكفر
بالسجن عشر سنوات مع الأشغال الشاقة إلا أنه
أستطاع الهرب إلى سوريا عبر الأردن، وعندما
انتهى الحكم العسكري البريطاني وحلت مكانه الإدار
ة المدنية ألغي الحكم الصادر عليه فعاد إلى القدس
حيث توفي أخوه كامل سنه 1921م فانتهي إليه منصب
الإفتاء حيث عمل على إعادة النشاط والعافية إلى
المحاكم الشرعية ودوائر الأوقاف وعمل على تقوية
المدارس الإسلامية.
كان رحمه الله وراء تأسيس المجلس
الإسلامي الأعلى عام 1922م والذي تولي
رئاسته وإلى جانبه عبد الله الدجاني من يافا
وعبد الله صلاح من نابلس ومحمد توفيق مراد
من حيفا وسعيد الشوا من غزة.
استطاع الحاج أمين من خلال هذا المجلس
أن يواصل نفوذه السياسي وأن يواصل أفكاره
الدينية لإحياء روح الجهاد والمقاومة واستنهاض
الهمم لإنقاذ فلسطين من الخطر البريطاني والصهيوني.
بعد ذلك الإنجاز المتمثل بالمجلس الإسلامي
الأعلى أسس ( دار الأيتام الصناعية في القدس )
حيث أنهكت الحرب العالمية الأولى أهل فلسطين
فكثر الأيتام فيها كما عمل رحمه الله على إعادة
أعمار وترميم المسجد الأقصى المبارك.
كما أنشأ الكلية الإسلامية بجوار الحرم لتواكب
التعليم العصر، وفي موازاة كل ذلك كان الحاج
أمين يرسل البعثات العلمية إلى الأزهر لرفع
مستوى الموظفين العلمي والثقافي والديني لينولوا
المناصب الشرعية في فلسطين.
لقد كان أمين الحسيني شعلة في العمل الوطني
والجهادي حيث جعل القضية الفلسطينية على
سطح الأحداث ووجهها ونقلها من المحلية إلى
العالمية فبعث بوفد إسلامي فلسطيني إلى الهند
وذهب بنفسة إلى سوريا ودول الخليج فهيج المشاعر
والعواطف باتجاه نصرة فلسطين وأهلها من اليهود والإنجليز.
في العام 1929م أراد اليهود ان يفرضوا
وجودهم على حائط البراق لكن الحرس من الشباب
المسلم الذي كون مجموعاته الحاج أمين الحسيني
أستطاع ان يكشف مخطط اليهود فتجمع المسلمون
في باحة الأقصى المبارك وخرجوا في مسيرة ضخمة
ترتب عليها مواجهات دموية واشتباكات عنيفة بين
أهل فلسطين من جهة واليهود والإنجليز من جهة ثانية.
وفي محاولة من السيد أمين الحسيني لإخراج
القضية الفلسطينية من نطاقها المحلي الضيق
إلى نطاقها العربي والإسلامي الأرحب.
دعا إلى عقد مؤتمر إسلامي كبير داخل أروقة
المسجد الأقصى المبارك وذلك ليوصل رسالة إلى
الإنجليز واليهود بأن أهل فلسطين ليسوا وحدهم بل
وراءهم العالمين العربي والإسلامي.
وفي عام 1934 أصدر الحاج أمين فتواه من
خلال مؤتمر عقد لعلماء فلسطين حضره أربعمائة
من العلماء هذه الفتوى كان فحواها حرمة بيع
الأرض وتحريم السمسرة أو تسهيل انتقالها إلى
أيدي اليهود.
وفي العام 1936م انتخب رئيساً للجنة العربية
العليا التي تمخضت عن ذلك الإضراب المعروف وقتها،
وهذه اللجنة أعلنت استمرار الإضراب العام إلى أن
تبدل الحكومة سياستها وتمنع الهجرة اليهودية ونقل
الأراضي العربية إلى اليهود وتقوم بإنشاء حكومة وطنية.
وفي عام 1937م حاولت بريطانيا ألقاء القبض على
الحاج أمين الحسيني ولكنها فشلت وأستطاع الهرب
إلى يافا ومنها إلى لبنان حيث كان يتابع أخبار الثوار
ومن ثم يزودها بالسلاح والمال.
وفي عام 1939م أضطر أن يغادر لبنان إلى
العراق وذلك حتى لا تقع ضحية التعاون الأمني
بين بريطانيا وفرنسا ومن العراق إلى إيران حيث
وقعت كلتا البلدين في قبضة بريطانيا ثم أستقر به
الترحال في برلين سنة 1941م وهناك بدأ الاتصال
السري بالأعيان والذين أبدوا استعدادهم لدعم الشعب
الفلسطيني ضد العدو المشترك بريطانيا.
طارد اليهود المفتي وهو في بلاد الغربة حيث
ألصقوا به تهمة تحريض الإنسان على إبادة اليهود
كما حرض اليهود اليوغسلاف على إلحاق تهمة
تكوين خلايا مسلحة من مسلمي البوسنة ضد عصابات
الصرب.
وبعد انهيار الألمان غادرة سماحته إلى سويسره
والتي ألجأته إلى المنطقة الفرنسية في ألمانيا
فقامت فرنسا باعتقاله لمدة سنة إلى أن تسلل
وهبط مصر متخفياً سنه 1946م واستطاع هناك
أن يرأس الهيئة العربية العليا ثم فكر بعد ذلك أن
يعود إلى فلسطين لكن العراقيل والمعوقات وضعت
أمامه بمشاركة وتواطؤ من الحكومة المصرية آن
ذاك إرضاء لبريطانيا لكن المفتي صمم أخيراً على
العودة إلى فلسطين وفعلاً وصل إلى غزة سنة 1948م
حيث أنعقد المجلس الوطني الفلسطيني وتشكلت
( حكومة عموم فلسطين).
إلا أن المؤامرة والخيانة كانت أكبر من الرجل
وطاقته فحمل حملاً ومكراً على مغادرة وطنه
الأم إلى القاهرة بطلب من الحكومة المصرية
فجمدت كل نشاطات حكومة عموم فلسطين ومنع
انعقادها وحرم أعضاؤها من زيارة مخيمات اللاجئين.
في عام 1951م ترأس مؤتمر العالم الإسلامي في
كراتشى كما شارك المفتي عام 1955م في مؤتمر
باندونخ على رأس وفد فلسطيني حيث حمل المؤتمر
الآسيوي والأفريقي على بحث القضية الفلسطينية
واتخاذ القرارات بصددها.
وفي عام 1959م انتقل سماحته إلى بيروت
حيث أستأنف نشاطه في سبيل فلسطين وأوفد عدة
وفود فلسطينية إلى الأمم المتحدة وإلى باقي
الأقطار لشرح القضية.
بعد سنتين أصدرت الهيئة العربية العليا
في بيروت مجلة دورية سياسية تعني بالشأن
الفلسطيني ومعالجة الجوانب الفلسطينية
الاقتصادية منها والاجتماعية والسياسية و
العسكرية.
وكان لهذا النشر الصدى الكبير والأثر البارز
في قض مضاجع اليهود واستيائهم فقاموا
بالتشويش عليها وتشويه صورتها وإلصاق
التهم إليها.
وفي العام 1962م رأس سماحة المفتي المؤتمر
الإسلامي في بغداد ثم أشترك في مؤتمر الرابطة
الإسلامية المنعقد في مكة المكرمة في موسم الحج.
استمر المفتي في نشاطة وتنقلاته حتى مستهل 1967م
وفي هذا العام زار فلسطين واستقبل بالحفاوة البالغة
وأدى الصلاة في المسجد الأقصى المبارك وكانت
هذه الصلاة هي آخر عهده بالصلاة في مسرى
رسول الله صلى الله عليه وسلم فكانت ليلة الوداع
ليغادر بعد ذلك قطعة من كيانه إلى عمان حيث
رأس الدورة الطارئه لمؤتمر العالم الإسلامي بسبب
النكبة المؤلمة التي حلت في فلسطين وهي ضياع
البقية الباقية منها وسقوط القدس في القبضة
الصهيونية المجرمة.
وأخيراً وبعد أكثر من سبعين عاماً من
الثبات والجهاد والصبر والعمل الدءوب
توفي الحاج السيد أمين الحسيني رحمه الله
في بيروت يوم الخميس 4 تموز عام 1974م
ودفن في مقبرة الشهداء بالحرج فرحمه الله رحمة واسعة.
المراجع:-
1. الموسوعة الفلسطينية المجلد الرابع ص 139.
2. الحاج أمين الحسيني رائد جهاد وبطل قضية/ حسني أدهم جراد.
3. فلسطين عبر ستين عاماً/ أميل الغوري ص 58.
4. من أعلام الفكر والأدب في فلسطين/ يعقوب العودات ص 109.
5. ألف يوم مع الحاج أمين الحسيني/ زهير المارديني.
تحيتـــ،ـــــي