
أريد اليوم أن أتحدث عن حاجز حوارة, الذي يشكل المدخل الرئيسي إن لم يكن الوحيد لمدينة نابلس العريقة, فهذا الحاجز الإسرائيلي أثبت بما لا يدع مجالاً للشك أنه نموذج لصناعة الحقد والكراهية من خلال الممارسات الرديئة والساقطة والمنافية لكل القوانين والأعراف, وهياكل الأخلاق !!! حتى أن الجنود الإسرائيليين والمجندات الإسرائيليات يذكروننا بسلوكهم الاستفزازي على هذا الحاجز بنفس السلوك الشاذ والفاضح الذي مارسه الجنود والمجندات الأمريكيين في سجن أبو غريب في العراق, وفي سجن جزيرة جوانتانامو, وهي السلوكيات الشاذة التي أطاحت كثيراً بسمعة الولايات المتحدة الأمريكية, مما اضطرها إلى تصميم حملة علاقات عامة باهظة التكاليف تقودها الدبلوماسية الأمريكية, وكيلة وزارة الخارجية السيدة هيوز, لتحسين الصورة الشوهاء, ولكن هل يصلح العطّار ما أفسدته السلوكيات الشاذة للجنود والمجندات ؟؟؟
وعودة إلى حاجز حوارة:
فقد أثبتت التحقيقات الصحفية التي قامت بها العديد من الجهات الفلسطينية والعربية والدولية, وحتى الجهات الإسرائيلية نفسها, أن حاجز حوارة على مداخل مدينة نابلس, لديه برنامج غير مبرر من التفاصيل التي يتعرض لها المواطن الفلسطيني, وهي تفاصيل من القهر والإذلال وسحق الذات وتكثيف الاهانة, دون مراعاة لأبسط الشروط ودون مراعاة للواجبات المفروضة على المسؤولين عن هذا الحاجز, بصفتهم قوة محتلة تلزمهم المواثيق بعدم تعريض المواطنين الفلسطينيين إلى هذا الحجم من الإذلال والقهر والإيذاء المتعمد, والاهانات التي تجرح أرواحهم!!! مع العلم أن هذا الحاجز الرئيسي يمر عليه أشخاص من أعمار مختلفة, من أطفال رضّع إلى الشيوخ الطاعنين, ويمر عليه أشخاص بحالات متنوعة مثل المرضى, مرضى السكر أو الكلى, الذين لا يحتملون العذاب لساعات طويلة من الانتظار بلا سبب على الإطلاق !!! بل إن أمتعة الناس وحاجياتهم تتعرض هي الأخرى إلى التنكيل ـ إن جاز هذا التعبيرـ وتقول هذه التحقيقات أن الجنود والمجندات يتلاسنون بكلمات بذيئة, ويقومون بتصرفات استفزازية, وقبل عدة أيام كان يوماً مشهوداً للاستفزاز الشديد على هذا الحاجز الملعون, وكانت النتيجة قتل مواطنة فلسطينية بدماء باردة بعد أن لم تستطيع تحمل الاهانات التي تعرضت لها مع آخرين على هذا الحاجز الاستفزازي.

ويتساءل الإنسان
هل الاحتلال الإسرائيلي وصل من عربدة القوة إلى الحد الذي يجعله غير آبه بصورته التي تتسخ أكثر يوماً بعد يوم, وبأنه يزرع بإتقان بذور الحقد والكراهية, وانه لا يقيم أدنى وزن للإنسان الفلسطيني ؟؟؟
ولكن السؤال الأخطر
أين هو العالم ليرى ويحكم ويتصرف, أين هي مؤسسات حقوق الإنسان, والمؤسسات المعنية بالقانون الدولي والإنساني ؟! نريدها أن ترصد هذه الظاهرة, وان تسجل هذه الشهادات, وأن توثق هذه الممارسات الإسرائيلية الشاذة لكي يعرف العالم أن إسرائيل التي تصدّر للعالم وجهاً للديمقراطية, والحضارة, ليست سوى بؤرة للشر الموجه إلى الشعب الفلسطيني, وأن التنافس اليوم في إسرائيل بين الأجنحة, المتصارعة من نتنياهو إلى شارون ومن لنداو إلى موفاز لا يقوم إلا على ركيزة واحدة أيهم أكثر بطشاً ضد الفلسطينيين, وأيهم أكثر إجراماً ضد القيم الإنسانية.
وآخر سؤال في هذا الإطار
أليس حاجز حوارة على مداخل نابلس وما يجري عليه من انتهاكات للإنسان الفلسطيني, ومن استعراض لشذوذ الممارسات الإسرائيلية, أليس هذا الحاجز عبارة عن دعوة مفتوحة لنا في الساحة الفلسطينية أن نغادر القاموس المكرر والممل الذي نصرخ به في وجوه بعضنا والعودة مجدداً إلى صياغة مشروعنا المشترك للخلاص من هذا الاحتلال ؟.
منقووووول