منتديات الهنا
(نسخة قابلة للطباعة من الموضوع)
https://alhanaa.me/t3923
أنقر هنا لمشاهدة الموضوع بهيئته الأصلية

ما الذي فعله وليد خلف جدار المقبرة ( البطل وليد الشحروري )
احمد 06-07-2006 12:05 مساءً
من أي مادة قدّت قلوبهم، ومن أي نسيج تشكلت سواعدهم، ومن أي سحر نفثت أرواحهم، ليتمكن هزبر واحد منهم أن يقاوم جبروت الذل، ومكر الخيانة، ورعب المئات من جنود الاحتلال الإسرائيلي !!؟ وليد الشحروري فلسطيني من نابلس، لم يتجاوز السادسة عشرة من عمره، شاب صغير تنحني لشجاعته قامات الرجال، وتخشع لعزفه على قيثارة الموت جميع الخطب والإذاعات، كان مجهولاً لنا حتى الأمس، لنقطع اليوم بيقيننا شك الجبن والخور الذي ينظّر له من باع النفيس بالخسيس، وكان رأساً على قافلة إبليس !! وشتان بين مقاتل وكاتب تقرير أجلكم الله !!

كلمات لها عظيم الأثر على قلوب السامعين، ما إن تقر في النفس، ويعيها العقل، وتطمئن بها الروح، حتى تدفع المتلقي إلى العمل الدائم والحركة الدؤوب، كلمات من قبيل : المقاتل، المحارب، الجندي، الفدائي، الاستشهادي، المقاوم، القناص، الشهيد ........ الإرهابي !! كلمات فخمة ذات معان باذخة لا تقارن بأية كلمة أخرى في هذه الدنيا .

فلسطين تطهر نفسها بنفسها، وعلى يد شرفائها، من الرجال والنساء والشيوخ والأطفال، ليميز الله الخبيث من الطيب، الأرض المباركة تلفظ الخونة، كما تلفظ النار خبث الحديد، ليخرج منها المنافق الأجير المنتسب إليها سفاحاً، متحدثاً باسم الدين ضد الدين !! ومثل الذين حملوا التوراة ثم لم يحملوها كمثل الحمار يحمل أسفاراً، فهذا حزبي، وذاك إخواني، وهذا تبليغي، والآخر تكفيري، وذاك خارجي ....

لم يؤمن ( سيد الرجال ) وليد الشحروري يوماً بهذه المصطلحات الفضفاضة التي يلوكها أشباه الذكور هذه الأيام، كما يلوك المدمن الحشّاش قطعةً رديئةً من عجينة الكوكايين الخام، بل آمن بالعمل ولا شيء غير العمل، والمؤمن قليل الكلام كثير العمل، بعكس المنافق الذي يتحدث كثيراً، وينظّر لكل شيء، ويدس أنفه في كل قضية من قضايا الأمة، وإذا وقع القول عليه وأدين بحماقته قال آمنت أنه لا إله إلا الذي آمن به جورج بوش وإياد علاوي !! أو كما قال قيصر ساخراً بالفاتحين : أنتم مثل الذباب إذا رأيتم العسل قلتم : من يوصلني إليه أعطينه ديناراً، وإذا وصلتم إليه ووقعتم فيه وبدأتم في الغرق قلتم : من يخرجني منه وأعطيه دينارين !!

امتشق الشحروي سلاحه، وامتشق الحمار الذي يحمل أسفاراً قلمه، تحصن سيد الرجال في إحدى مقابر نابلس، وتحصن حافر البغل خلف جدار القنصلية الأمريكية، استطاع الأول أن يوقف كتيبةً يهوديةً كاملةً لأكثر من عشرين ساعة، بينما لم يجرؤ النكرة على إيقاف مخازيه لأيام وأشهر وأعوام، احتار اليهود في هذه الكارثة المتحركة التي لا ترخي سمعها لفتاوى الخيانة والانطباح، واحتار الصليبيون لشدة الخيانة التي يرزح تحتها المتحصن خلف جدار القنصلية !!

استعان اليهود بوالدة سيد الرجال وليد الشحروري، التي دخلت إلى المقبرة مساءً لتقنع شبلها بالاستسلام ( زعموا ) الأم الفلسطينية لا تلد إلا الموت، ورحم أمريكا لا ينجب إلا الخيانة، إنني أجزم أن أم وليد تبرأت من وليد إن فكر مجرد التفكير في الاستسلام إلى أراذل الدنيا يهود الشتات، وشفّعت تهديدها بقسمها على آية قرآنية كريمة نقشت على إحدى شواهد القبور أنها لم تنجبه إن خرج حياً من تلك المقبرة !!

وماذا تعني المقبرة لوليد وفلسطين مقبرة كبرى للغزاة، وهي الخيط الفاصل الدقيق بين عالمين، عالم الانبطاح، وعالم الشهادة، حيث يسطر الدم الفلسطيني مراتب الشرف الأولى إلى عالم الخلود، عالم تتهاوى فيه شهادات الماجستير والدكتوراه في الإرجاء والإضلال، والجهل والسفه، والارتزاق بمدح الولاة، والسعي في الأرض فساداً بكتابة التقارير وتصنيف عباد الله وفق ما يريده سيدهم أبو مرة ( ولكن في التحريش بينهم ) ولا يدخل الجنة نمام، صدق سيدي صلى الله عليه وسلم .

عشرون ساعةً مضت والشحروري يغرد بمدفعه الرشاش من خلف جدار المقبرة ويهود الشتات يرقصون رعباً وذلاً، عشرون ساعةً فقط، وأكثر من عشرين عاماً وصاحبنا يلعق جدار القنصلية الأمريكية كأخلص مريد ذاب حباً وولاءً داخل تنور الصليب !!

عشرون ساعة متواصلة لم يسلّم فيها سيد الرجال نفسه إلا بعد أن نفدت ذخيرته وأوشك طيران يهود الشتات على قصف المقبرة بصواريخه حفاظاً على حرمة الموتى، لا يقاتلونكم جميعاً إلا في قرىً محصنة أو من وراء جدر، خرج وليد من المقبرة الصغرى إلى المقبرة الكبرى، أو كما قال السفاح الماروني الملقب بالحكيم !! الدكتور سمير جعجع بعد خروجه من السجن، خرجت من السجن الصغير إلى السجن الكبير !

صفّد البطل واقتيد إلى جهة مجهولة، وبقي حمّال الأسفار خلف جدار القنصلية الأمريكية يستظل بظلها، ويثني على أهلها، ويلعق رصيفها، وفي عالمنا البائس يكمن الفرق الجوهري بين الشرفاء والعملاء، بين الضياء والظلمة، بين المقاتل وبين كاتب تقرير، بين سيد الرجال، وبين أشباه الذكور .

لكن إذا انتصر الضياء ومزقت - يد الجموع شريعة القرصان

فلسوف يذكرني ويكبر همتي - من كان في بلدي حليف هوان

وإلى لقاء تحت ظل عدالة - قدسية الأركان والميزان



مننقول عن احد المنتديات للكاتب الخفاش الأسود
منتديات الهنا

Copyright © 2009-2025 PBBoard® Solutions. All Rights Reserved